فأخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات قال حدثني أحمد بن حماد بن الجميل عن العتبي عن سهم بن عبد الحميد قال أخبرني طريح بن إسماعيل الثقفي قال .
خصصت بالوليد بن يزيد حتى صرت أخلو معه .
فقلت له ذات يوم وأنا معه في مشربة يا أمير المؤمنين خالك يحب أن تعلم شيئا من خلقه .
قال وما هو قلت لم أشرب شرابا قط ممزوجا إلا من لبن أو عسل .
قال قد عرفت ذاك ولم يباعدك من قلبي .
قال ودخلت يوما إليه وعنده الأمويون فقال لي إلي يا خالي وأقعدني إلى جانبه ثم أتي بشراب فشرب ثم ناولني القدح فقلت يا أمير المؤمنين قد أعلمتك رأيي في الشراب قال ليس لذلك أعطيتك إنما دفعته إليك لتناوله الغلام وغضب .
فرفع القوم أيديهم كأن صاعقة نزلت على الخوان فذهبت أقوم فقال أقعد فلما خلا البيت افترى علي ثم قال يا عاض كذا وكذا أردت أن تفضحني ولولا أنك خالي لضربتك ألف سوط ثم نهى الحاجب عن إدخالي وقطع عني أرزاقي .
فمكثت ما شاء الله ثم دخلت عليه يوما متنكرا فلم يشعر إلا وأنا بين يديه وأنا أقول .
( يابنَ الخلائفِ مالي بعدَ تَقْربةٍ ... إليك أقْصَى وفي حالَيْك لي عَجَبُ ) .
( مالي أُذَادُ وأُقْصَى حين أَقصِدُكم ... كما تُوَقِّيَ من ذي العرّة الجَرَبُ ) .
( كأنّني لم يكن بيني وبينكُم ... إلٌّ ولا خُلَّةٌ تُرْعَى ولا نَسبُ ) .
( لو كان بالوُدّ يُدْنَى منك أزْلَفَني ... بِقُربْك الودُّ والإِشفاقُ والحَدَبُ )