فلما قرأ الأبيات قال سبحان الله أتهجرني لمنعي إياك شيئا تعلم إني ما ابتذلت نفسي له قط وتنسى مودتي وأخوتي ومن دون ما بيني وبينك ما أوجب عليك أن تعذرني فكتب إليه .
( أهلَ التّخَلُّقِ لو يَدوم تَخَلُّقُ ... لسكنتُ ظِلّ جَناح مَنْ يَتَخَلَّقُ ) .
( ما الناس في الإِمساك إلا واحدٌ ... فبأيّهم إنْ حُصِّلوا أَتعلّقُ ) .
( هذا زمانٌ قد تعود أهلُه ... تيهَ الملوك وفَعلَ مَنْ يَتصدّق ) .
فلما أصبح صالح غدا بالأبيات على الفضل بن يحيى وحدثه بالحديث فقال له لا والله ما على الأرض أبغض إلي من إسداء عارفة إلى أبي العتاهية لأنه ممن ليس يظهر عليه أثر صنيعة وقد قضيت حاجته لك فرجع وأرسلني بقضاء حاجته .
فقال أبو العتاهية .
( جَزَى اللهُ عنِّي صالحاً بوفائه ... وأَضْعَفَ أضعافاً له في جَزائِه ) .
( بَلَوْتُ رجالاً بعدّه في إخائهمْ ... فما ازددتُ إلاّ رغبةً في إخائه ) .
( صديقٌ إذا ما جئتُ أَبغيه حاجةً ... رجعتُ بما أبغِي ووجهي بمائه ) .
أخبرني الصولي قال حدثني محمد بن موسى قال حدثني أحمد بن حرب قال أنشدني محمد بن أبي العتاهية لأبيه يعاتب صالحا هذا في تأخيره قضاء حاجته .
صوت .
( أَعَيْنَيَّ جُودَا وابكيا وُدَّ صالِح ... وهِيجَا عليه مُعْولاتِ النَّوائِح ) .
( فما زالَ سلطاناً أخٌ لي أوَدُّه ... فَيْقْطَعُني جُرْماً قطيعةَ صالح ) .
الغناء في هذين البيتين لإبراهيم ثقيل أول بإطلاق الوتر في مجرى البنصر