أدبك وأقل عقلك دخلت علي الحبس فما سلمت تسليم المسلم على المسلم ولا سألت مسألة الحر للحر ولا توجعت توجع المبتلى للمبتلى حتى إذا سمعت بيتين من الشعر الذي لا فضل فيك غيره لم تصبر عن استعادتهما ولم تقدم قبل مسألتك عنهما عذرا لنفسك في طلبهما فقلت يا أخي إني دهشت لهذه الحال فلا تعذلني واعذرني متفضلا بذلك .
فقال أنا والله أولى بالدهش والحيرة منك لأنك حبست في أن تقول شعرا به ارتفعت وبلغت فإذا قلت أمنت وأنا مأخوذ بأن أدل على ابن رسول الله ليقتل أو أقتل دونه ووالله لا أدل عليه أبدا والساعة يدعى بي فأقتل فأينا أحق بالدهش فقلت له أنا والله أولى سلمك الله وكفاك ولو علمت أن هذه حالك ما سألتك .
قال فلا نبخل عليك إذا ثم أعاد البيتين حتى حفظتهما .
قال فسألته من هو فقال أنا خاص داعية عيسى بن زيد وابنه أحمد .
ولم نلبث أن سمعنا صوت الأقفال فقام فسكب عليه ماء كان عنده في جرة ولبس ثوبا نظيفا كان عنده ودخل الحرس والجند معهم الشمع فأخرجونا جميعا وقدم قبلي إلى الرشيد .
فسأله عن أحمد بن عيسى فقال لا تسألني عنه واصنع ما أنت صانع فلو أنه تحت ثوبي هذا ما كشفته عنه .
وأمر بضرب عنقه فضرب .
ثم قال لي أظنك قد ارتعت يا إسماعيل فقلت دون ما رأيته تسيل منه النفوس .
فقال ردوه إلى محبسه فرددت وانتحلت هذين البيتين وزدت فيهما .
( إذا أنا لم أقْبَلْ من الدّهر كلَّ ما ... تكَرَّهتُ منه طال عَتْبي على الدهر ) .
لزرزور غلام المارقي في هذه البيتين المذكورين خفيف رمل .
وفيهما لعريب خفيف ثقيل