فما كان فيهم أحد عَرَفَ ذلك حتى أدخل رجل منهم سَبَّابته في فِيهِ يَعُدُّ بها عَوَارضه فسال لُعابُهُ وضَمَّ رجل فاه وجعل يعدّها بلسانه .
فهل يَحْسُن 9 بمن ائتمنه السلطانُ على رعيته وأمواله ورَضِيَ بحكمه ونظره أن يجهل هذا من نفسه وهل هو في ذلك إلا بمنزلة مَن جهل عددَ أصابعه ولقد جرى في هذا المجلس كلام كَثيرٌ في ذكر عيوب الرقيق فما رأيت أحداً منهم يعرف فَرْقَ ما بين الوَكَعِ وَالكَوَعِ ولا الحَنَفَ من الفَدَع ولا اللَّمى من اللَّطَع .
فلما أن رأيتُ هذا الشأنَ كل يوم إلى نُقْصاَنٍ وخشيت أن يذهب رَسْمُه ويعفُوَ أثره جعلتُ له حظًا من عِنايتي وجزءاً من تأليفي فعملتُ لمُغْفِل التأديب كُتُبًا خفافاً في المعرفة وفي تقويم اللسان واليد يشتمل كلُّ كتاب منها على فن وأعفيته من التطويل والتثقيل لأنشطه لِتَحَفُّظهِ ودراسته إن فَاءتْ به