عطف ألا ترى أنك إذا قلت قام زيد وعمرو فالواو حرف عطف وإذا قلت قام زيد وقام عمرو فالواو أيضا حرف عطف أظهرت العامل أو حذفته وليست الواو في قولك والله لأقومن هي الواو في قولك وبالله لأقومن فلما كانت الواو في القسم إنما هي بدل من بائه البتة حتى لا تظهر معها جرت في العمل مجراها وحسن إقامتها في العمل مقامها أن الواو ضارعت الباء لفظا ومعنى أما اللفظ فلأن الباء شفهية والواو أيضا كذلك وأما المعنى فلأن الباء للإلصاق والواو للاجتماع والشيء إذا لاصق الشيء فقد جامعه وليست كذلك واو العطف لأنها لا تضارع العامل الذي دلت عليه وقامت مقامه لفظا ولا معنى ألا ترى أنك إذا قلت ضربت زيدا وبكرا فإن أصله ضربت زيدا وضربت بكرا فالواو لا تضارع ضرب لفظا ولا معنى ألا ترى أن ضرب ثلاثة أحرف والواو حرف واحد وهذه حرف وذلك فعل فهما جنسان متباينان فلذلك جاز أن تكون الواو في القسم عاملة ولم يجز أن يكون حرف العطف عاملا فتفهمه .
واعلم أن هذه الواو إذا كانت عاطفة فإنها دالة على شيئين أحدهما الجمع والآخر العطف إلا أن دلالتها على الجمع أعم فيها من دلالتها على العطف يدل على ذلك أنا لا نجدها إذا لم تكن بدلا من باء القسم مجردة من معنى الجمع وقد نجدها معراة من معنى العطف ألا ترى أن الواو التي بمعنى مع في قولك استوى الماء والخشبة وجاء البرد والطيالسة قد تجدها مفيدة للجمع لأنها نائبة عن مع الموضوعة لإفادة الجمع ولا تجد فيها في هذه الحال معنى العطف وكذلك إذا