وللتاء موضع آخر تخلُص فيه للاسميّة البتة وليس ( ذلك للكاف ) . وذلك الموضع قولهم : أرأيتَك زيدا ما صَنَع . فالتاء اسم مجرَّد من الخطاب والكاف حرف للخطاب مجرَّد من الاسمية . هذا هو المذهب . ولذلك لزمت التاءُ الإفراد والفتح في الأحوال كلِّها نحو قولك للمرأة : أرأيتَكِ زيدا ما شأنهُ وللاثنين ( وللاثنتين ) أرأيتكما زيدا أين جلس ولجماعة المذكَّر والمؤنَّث : أرأيتكم زيدا ما خبره وأرأيتكنّ عَمْرا ما حديثُه فالتغيير للخطاب لاحق للكاف والتاءُ - ( لأنه ) لا خطاب فيها - على صورة واحدة لأنها مخلَصة اسما .
فإن قيل : هذا ينقض عليك أصلا مقرّرا . وذلك أنك إنما تعتلُّ لبناء الأسماء المضمرة بأن تقول : إنّ شَبَه الحرف ( غلب عليها ومعنى الاسم بعد عنها ) وذلك نحو قولك : ( ذلك ) وأولئك فتجد الكاف مخلَصة للخطاب عارية من معنى الاسم . وكذلك التاء في أنتَ وأنتِ عاريةٌ من معنى الاسم مجرّدة لمعنى الحرف . وأنتَ مع هذا تقول : إن التاء في أرأيتك زيدا أين هو ونحو ذلك قد أخلصْتَها اسما وخلعْتَ عنها دلالة الخطاب . فإذا كانت قد تًخلص في موضع اسما كما خلَصت في آخر حرفا تعادل أمراها ولم يكن لك عذر في الاحتجاج بإحدى حاليها