( قيل إن ) الكاف في ( ذلك ) جُرّدت من معنى الاسمية ولم تُقرَن باسم المخاطَب بها . والتاء في أرأيتك زيدا ما صنع لم تجرَّد من معنى الحرفية إلا مقترنة بما كان مرّة اسما ثم جُرّد من معنى الاسمية وأخلص للخطاب والحرفيّة وهو الكاف في ( أرأيتك زيدا ما صنع ) ونحوه . فأنت وإن خلعت عن تاء ( أرأيتك زيدا ما خبره ) معنى الحرفية فقد قرنتَ بها ما جرّدتَه من معنى الاسمية وهو الكاف بعدها فاعتدل الأمران باقتران الاسم البتَّة بالحرف البتّة . وليس كذلك ( ذلك ) لأنك إنما معك الكاف المجرّدة لمعنى الخطاب لا اسم معها للمخاطب بالكاف فاعرف ذلك . وكذلك أيضا في ( أنت ) قد جرّدت الاسم وهو ( أن ) من معنى الحرفية وأخلصت التاء البتَّة بعده للخطاب كما أخلصت الكاف بعد التاء في ( أرأيتك عمرا ما شأنه ) حرفا للخطاب .
فإن قلت : ف ( أن ) من ( أنت ) لم تُستعمل قطُّ حرفا ولا خلعت دلالة الاسمية عنها فهذا يقوّى حكم الأسماء المضمرة كما أضعفها ما قدّمت أنت من حالها في تجرّدها من معنى الاسمية وما غَلب عليها من حكم الحرفيّة .
قيل : لسنا ندّعى أن كلّ اسم مضمَر لا بدّ من أن يُخلع عنه حكم الاسمية ويخلص للخطاب والحرفيّة فيلزمنا ما رمت إلزامَنا إيّاه وإنما قلنا : إن معنى الحرفية قد أُخلص له بعضها فضعف لذلك حكم جميعها وذلك أن الخلع العارض فيها إنما لحق متّصلَها دون منفصِلها - وذلك لضعف المتّصل - فاجترئ عليه لضعفه فخُلِع معنى الاسمية منه . وأمّا المنفصل فجار بانفصاله مجرى الأسماء الظاهرة القويَّة المعربة . وهذا واضح