باسم فيكونَ في اللفظ به ابتذال له . فلمَّا خلَصت هذه الكاف خطابا البتَّة وعَرِيت من معنى الاسمية استعملت في خطاب الملوك لذلك .
فإن قيل : فهلاَّ جاز على هذا أن يقال للملِك ومن يَلحَق به في غير الشعر ( أنت ) لأن التاء هنا أيضا للخطاب مخلوعة عنها دلالة الاسمية قيل : التاء في ( أنت ) وإن كانت حرف خطاب لا اسما فإن معها نفسِها الاسم وهو ( أن ) من ( أنت ) فالاسم على كل حال حاضر وإن لم تكن الكافُ وليس كذا قولنا ( ذلك ) لأنه ليس للمخاطَب بالكاف هنا اسم غير الكاف كما كان له مع التاء في ( أنت ) اسم للمخاطب نفسه وهو ( أن ) . فاعرف ذلك فرقا بين الموضعين .
ونحو من ذلك ما رآه أبو الحسن في أن الهاء والياء في ( إيّاه ) و ( إيّاى ) حرفان أحدهما للغَيبة وهو الهاء والآخَر للحضور وهو الياء . وذلك أنه كان يرى أن الكاف في ( إيَّاك ) حرف للخطاب فإذا أدخلْتَ عليه الهاء والياء في ( إيَّاه ) و ( إيَّاى ) قال : هما أيضا حرفان للغَيبة والحضور مخلوعة عنهما دلالة الاسمية في رأيته وغلامى وصاحبى . وهذا مذهبٌ هَوْل . وهو - وإن كان كذلك - جارٍ على القوّة ومقتاس بالصحَّة .
واعلم أن نظير الكاف في رأيتك إذا خُلعتْ عنها دلالة الاسميّة واستقرّت للخطاب - على ما أَرَينا - التاءُ في قمت وقعدت ونحو ذلك هي هنا تفيد الاسميَّة والخطاب ثم تخلع عنها دلالة الاسمية وتخلُص للخطاب البتّة في أنتَ وأنت . فالاسم ( أن ) وحده والتاء ( من بعد ) للخطاب