الذي دعا إلى قلبها في صحراوات وصحراوىّ كان حمل كاف ( ذلك ) على كاف رأيتك جائزا أيضا وإن لم يكن أقوى لم يكن أضعف .
وقد اتّصل بما نحن عليه موضع طريف . ونذكره لاستمرار مثله .
وذلك أن أصغر الناس قدرا قد يخاطِب أكبر الملوك مَحَلاّ بالكاف من غير احتشام منه ولا إنكار عليه . وذلك نحو قول التابع الصغير للسيّد الخطير : قد خاطبتُ ذلك الرجل واشتريت تينك الفرسين ونظرت إلى ذينك الغلامين فيخاطب الصاحب الأكبر بالكاف وليس الكلام شعرا فتُحْتَمَلَ له جرأة الخطاب فيه كقوله : لقِينا بك الأسدَ وسألنا منك البحرَ وأنت السيّد القادر ونحو ذلك .
وعلَّة جواز ذلك عندي أنه إنما لم تخاطَب الملوكُ بأسمائها إعظاما لها إذ كان الاسم دليل المعنى وجاريا في أكثر الاستعمال مجراه حتَّى دعا ذاك قوما إلى أن زعموا أن الاسم هو المسَّمى . فلمَّا أرادوا إعظام الملوك وإكبَارهم تجافَوْا وتجانفوا عن ابتذال أسمائهم التي هي شواهدهم وأدِلَّة عليهم إلى الكناية بلفظ الغَيبة فقالوا : إن رأى المَلِك أدام الله علوّه ونسأله حرس الله مُلكَه ونحو ذلك وتحامَوْا ( إن رأيت ) و ( نحن نسألك ) لِمَا ذكرنا . فهذا هذا . فلمَّا خُلِعت عن هذه الكاف دلالة الاسمية وجردت للخطاب البتَّة جاز استعمالها لأنها ليست