باب في اللفظين على المعنى الواحد يرِدَان عن العالِم متضادَّين .
وذلك عندنا على أوجه احدها أن يكون أحدهما مُرْسَلا والآخَر معَّلًلا فإذا اتّفق ذلك كان المذهب الأَخْذ بالمعلَّل ووجب مع ذلك ان يُتأوّل المرسَل وذلك كقول صاحب الكتاب في غير موضع في التاِء من بنت وأخت إنها للتأنيث وقال أيضا مع ذلك في باب ما ينصِرف وما لا ينصرف إنها ليست للتأنيث واعتلّ لهذا القول بان ما قبلها ساكن وتاء التأنيث في الواحد لا يكون ما قبلها ساكنا إلا أن يكون أَلفاً كقناة وفتاة وحَصَاة والباقي كلّه مفتوح كُرطَبة وعِنَبة وعلاّمة ونسّابة قال ولو سّميت رجلا بِبِنتٍ وأخت لصرفته وهذا واضح فإذا ثبت هذا القول الثاني بما ذكرناه وكانت التاء فيه إنما هي عنده على ما قاله بمنزلة تاء عفريتٍ ومَلَكُوت وجب أن يُحمل قوله فيها إنها للتأنيث على المجاز وأن يُتأوّل ولا يُحمل القولان على التضادّ .
ووجه الجمع بين القولين أن هذه التاء وإِن لم تكن عنده للتأنيث فإنها لمَّا لم توجد في الكلمة إِلاَّ في حال التأنيث استجاز أن يقول فيها إنها للتأنيث ألا ترى انك إذا ذكَّرت قلت ابن فزالت التاء كما تزول التاء من قولك ابنة فلمَّا ساوقت تاء بنت تاء ابنة وكانت تاءَ ابنة للتأنيث قال في تاء بنت ما قال في تاء ابنة وهذا من أقرب ما يتسمَّح به في هذه الصناعة ألا ترى انه قال في عدَّة مواضع في نحو حمراء