إن قلت فهل تجد لبيت الجعديّ على تفسيرك الذي حكيته ورأيته نظيراً قيل لا يُنكَر وجود ذلك مع الاستقراء وأعمَلْ فيما بعدُ على أنْ لا نظير له ألا تعلم أن القياس إذا أجاز شيئاً وسُمِع ذلك الشئ عينه فقد ثبت قَدَمُه وأخذ من الصحّة والقوّة مأخذه ثم لا يقدح فيه ألاَّ يوجد له نظير لأنّ إيجاد النظير وإن كان مأنوساً به فليس في واجب النظر إيجاده ألا ترى أن قولهم في شَنُوءة شَنَئِىّ لَمّا قبله القياس لم يَقْدَح فيه عدمُ نظيره نعم ولم يرض له أبو الحسن بهذا القدر من القوّة حتى جعله أصلاً يُردّ إليه ويُحمل غيره عليه وسنورد فيما بعدُ بابا لِمَا يسوّغه القياس وإن لم يَرِدْ به السماع بإذن اللّه وحوله .
ومن ذلك أعني الاستحسان أيضاً قول الشاعر .
( أريتَ إن جئتُ بهِ أمْلُوداً ... مُرَجَّلاً ويلبس البُرُودا ) .
( أقائِلُنَّ أحضِروا الشُهُودا ... ) .
فألحق نون التوكيد اسم الفاعل تشبيها له بالفعل المضارع فهذا إذاً استحسان لا عن قوّة علّة ولا عن استمرار عادة ألا تراك لا تقول أقائُمنَّ يا زيدون ولا أَمنطلقُنَّ يا رجال إِنما تقوله بحيث سمعتَه وتعتذر له وتنسُبه إلى أنّه استحسان منهم على ضعف منه واحتمال بالشبهة له