فرفع المفعول ونصب الفاعل قيل لو لم يَحتمِل هذا البيتُ إلاّ ما ذكرتَه لقد كان على سَمْت من القياس ومَطْرَب متورَّد بين الناس ألا ترى أنه على كل حال قد فُرِق فيه بين الفاعل والمفعول وإن اختلفت جهتا الفرق كيف ووجهه في أن يكون الفاعل فيه مرفوعاً والمفعول منصوباً قائم صحيح مَقُول به وذلك أن رعَنْ هذا القُفّ لَمّا رفعه الآل فُرئِى فيه ظهر به الآل إلى مَرْآة العين ظهوراً لولا هذا الرعن لم يَبِنْ للعين فيه بيانَة إذا كان فيه ألا تعلم أن الآل إذا بَرَق للبصر رافعاً شخصاً كان أبدى للناظر إليه منه لو لم يلاق شخصاً يَزْهاه فيزداد بالصورة التي حملها سفوراً وفي مَسْرح الطَرْف تجلِّياً وظهوراً .
فإن قلت فقد قال الأعشى .
( إذ يرفعُ الآلُ رأسَ الكلب فارتفعاً ... ) .
فجعل الآل هو الفاعل والشخص هو المفعول قيل ليس في هذا أكثر من أنّ هذا جائز وليس فيه دليل على أن غيره غير جائز ألا ترى انك إذا قلت ما جاءني غير زيد فإنما في هذا دليل على أن الذي هو غيره لم يأتك فأمّا زيد نفسه فلم تَعْرِض للإخبار بإثبات مجئ له أو نفيه عنه فقد يجوز أن يكون قد جاء وأن يكون أيضا لم يجيء