إلى ضميره وضمير الشيء هو الشيء البتَّة والشيء لا يضاف إلى نفسه . ( وأما ) قوله الله تعالى ( وإنه لحق اليقين ) فإن الحق هنا غير اليقين وإنما هو خالصه وواضحه فجرى مجرى إضافة البعض إلى الكلّ نحو هذا ثوب خَزّ . ونحوه قولهم : الواحد بعض العشرة . ولا يلزم من حيث كان الواحد بعض العشرة أن يكون بعضَ نفسه لأنه لم يضف إلى نفسه وإنما أضيف إلى جماعة نفسُه بعضها وليس كذلك زيد أفضل إخوته لأن الإخوة مضافة إلى نفس زيد وهي الهاء التي هي ضميره . ولو كان زيد بعضهم وهم مضافون إلى ضميره لكان هو أيضا مضافا إلى ضميره الذي هو نفسه وهذا محال . فاعرف ذلك فرقا بين الموضعين فإنه واضح .
فأمَّا قولنا : أخذت كلّ المال وضربت كل القوم فليس الكل هو ما أضيف إليه . قال أبو بكر : إنما الكل عبارة عن أجزاء الشيء وكما جاز أن يضاف أجزاء الجزء الواحد إلى الجملة جاز أيضا أن تضاف الأجزاء كلها إليه .
فإن قيل : فالأجزاء كلّها هي الجملة فقد عاد الأمر إلى إضافة الشيء إلىنفسه .
قيل : هذا فاسد وليس أجزاء الشيء هي الشيء وإن كان مركّبا منها . بل الكل في هذا جارٍ مجرى البعض في أنه ليس بالشيء نفسه أن البعض ليس به نفسه . يدلّ على ذلك وأن حال البعض متصوَّرة في الكل قولك : كل