أي إن لم تتداركني هلكتُ الساعة غيرَ شكّ هكذا يريد . فلأجله ما جاء بلفظ الواجب الواقع غير المرتاب به ولا المشكوك في وقوعه . وقد نظر إلى هذا الموضع أبو العتاهية فاتّبعه فيه وإن صغر لفظه وتحاقر دونه . قال : .
( عُتْب الساعةَ الساعهْ ... أموت الساعةَ الساعهْ ) .
وهذا - على نذالة لفظه - وَفْق ما نحن على سَمْته . وهذا هذا . وليس كذلك قولك : قمت غدا وسأقوم أمس لأنه عارٍ من جميع ما نحن فيه إلا أنه لو دلَّ دليل من لفظ أو حال لجاز نحو هذا . فأمّا على تعرّيه منه وخلوّه مما شرطناه فيه فلا .
ومن المحال قولك : زيد أفضل إخوته ونحو ذلك . وذلك أن أفضل : أفعل وأفعل هذه التي معناها المبالغة والمفاضلة متى أضيفت إلى شيء فهي بعضه كقولك : زيد أفضل الناس فهذا جائز لأنه منهم والياقوت أنفس الأحجار لأنه بعضها . ولا تقول : زيد أفضل الحمير ولا الياقوت أنفس الطعام لأنهما ليسا منهما . وهذا مفاد هذا . فعلى ذلك لم يجيزوا : زيد أفضل إخوته لأنه ليس واحدا من إخوته وإنما هو واحد من بني أبيه ألا ترى أنه لو كان له إخوة بالبصرة وهو ببغداد ( وكان ) بعضهم وهم بالبصرة لوجب من هذا أن يكون من ببغداد البتّة في حال كونه بها مقيما بالبصرة البتّة في تلك الحال . وأيضا فإن الإخوة مضافون إلى ضمير زيد وهي الهاء في إخوته فلو كان واحدا منهم وهم مضافون إلى ضميره كما ترى لوجب أيضا أن يكون داخلا معهم في إضافته