فيصير معناه لا إعرابه : ولن ينفعكم إذ ظلمتم اشتراككم اليوم في العذاب فينتزّع من معنى ( مشتركون ) ما يعمل في ( اليوم ) على حدّ قولنا في قوله - سبحانه - ( أَلاَ يَوْمَ يَأتِيهِمْ لَيْسَ مَصْروُفاً عَنْهُمْ ) في أحد الأقوال الثلاثة فيه وعلى قوله تعالى : ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمينَ ) وإذا أنت فعلت هذا أيضا لم تخرج به من أن يكون ( إذ ظلمتم ) في اللفظ معمولا لقوله ( لن ينفعكم ) لما ذكرنا من الجِوارَ وتُلُوّ الآخرة الأولى بلا فصل .
وكأنه إنما جاء هذا النحوُ في الأزمنة دون الأمكنة من حيث كان كلّ جزء من الزمان لا يجتمع مع جزء آخر منه إنما يلي الثاني الأوّل خالفا له وعوضا منه . ولهذا قيل - عندي - للدهر عَوْضُ - وقد ذكرت هذا في كتابي في التعاقب - فصار الوقتان كأنهما واحد وليس كذلك المكان لأن المكانين يوجَدان في الوقت الواحد ( بل في أوقات كثيرة غير منقضية . فلمّا كان المكانان بل الأمكنة كلها تجتمع في الوقت الواحد ) والأوقات كلها لم يقم بعضها مَقامَ بعض ولم يجرِ مَجراه . فلهذا لا نقول : جلست في البيت من خارج أسْكُفَّته وإن كان ذلك موضعا يجاور البيت ويماسّه لأن البيت لا يُعدَم فيكونَ خارجُ بابه نائبا عنه وخالفا في الوجود له كما يُعدم الوقت فيعوّض منه ما بعده