الشاسعة المحتاجة إلى المدّة المتراخية . فإن قيل : فيكون الثاني من هذا كالأوّل أيضا في الاكتفاء فيه بالمسبّب من السبب أي لمّا عرفت ذلك فكّرت في إصلاحه فاكتفى بالمسبّب الذي هو العمارة من السبب الذي هو الفكر فيه قيل : هذا وإن كان مِثلُه مما يجوز فإنه ترك للظاهر وإبعاد في المتناوَل . ومع هذا فإنك كيف تصرّفت بك الحال إنما أوقعت الفكر في عمارة حاله بعد أن عرفت ذلك منها . فوقعت العمارة إذًا بعد وقت المعرفة . فإذا كان كذلك ركبت سَمْت الظاهر فغنيِت به عن التطالّ والتطاول .
وعلى هذا يتوجّه عندي قول الله - سبحانه - : ( وَلَنْ يَنْفَعَكُمْ اليَوْمَ إذْ ظَلَمُتمْ أنكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونّ ) وذلك أن تجعل ( إذْ ) بدلا من قوله ( اليوم ) وإلاّ بقيت بلا ناصب . وجاز إبدال ( إذ ) - وهو ماضٍ ( في الدنيا ) - من قوله : ( اليوم ) وهو حينئذ حاضر في الآخرة لمّا كان عدم الانتفاع بالاشتراك في العذاب إنما هو مسبَّب عن الظلم وكانت أيضا الآخِرةُ تلى الدنيا بلا وقفة ولا فصل صار الوقتان على تباينهما ( وتنائيهما ) كالوقتين المقترنِين الدانيين المتلاصقين نحو أحسنت إليه إذ شكرني وأعطيته حين سألني . وهذا أمر استقرّ بيني وبين أبي عليّ - C - مع المباحثة . وقد يجوز أيضا أن تنصب ( اليوم ) بما دلّ عليه قوله تعالى : ( مشتركون )