.
فكان الوسواس مبدأ كل شر فإن كانوا قد إستعاذوا بربهم و ملكهم و الههم من شره فقد دخل في ذلك و سواس الجن و الإنس و سائر شر الإنس إنما يقع بذنوبهم فهو جزاء على أعمالهم كالشر الذي يقع من الجن بغير الوسواس و كما يحصل من العقوبات السماوية و هم لم يستعيذوا هنا من شر المخلوقات مطلقا كما إستعاذوا فى سورة الفلق بل من الشر الذي يكون مبدؤه فى نفوسهم و إن كان ذكر رب الناس ملك الناس إله الناس يستعيذوا به ليعيذهم و ليعيذ منهم و هذا أعم المعنيين فذلك يحصل بإعاذته من شر الوسواس الموسوس في صدور الناس فإنه هو الذي يوسوس بظلم الناس بعضهم بعضا و بإغواء بعضهم بعضا و بإعانة بعضهم بعضا على الإثم و العدوان .
فما حصل لإنسي شر من إنسي إلا كان مبدؤه من الوسواس الخناس و إلا فما يحصل من أذي بعضهم لبعض إذا لم يكن من الوسواس بل كان من الوحي الذي بعث الله به ملائكته كان عدلا كإقامة الحدود و جهاد الكفار و الإقتصاص من الظالمين فهذه الأمور فيها ضرر و أذي للظالمين من الإنس لكن هي بوحي الله لا من الوسواس و هي نعمة من الله في حق عباده حتى فى حق المعاقب فإنه إذا عوقب كان ذلك كفارة له إن كان مؤمنا و إلا كان تخفيفا لعذابه في الآخرة بالنسبة الى عذاب من لم يعاقب في الدنيا