و لهذا كان محمد صلى الله عليه و سلم رحمة فى حق العالمين بإعتبار ما حصل من الخير العام به و ما حصل للمؤمنين به من سعادة الدنيا و الاخرة و بإعتبار أنه فى نفسه رحمة فمن قبلها و إلا كان هو الظالم لنفسه و بإعتبار أنه قمع الكفار و المنافقين فنقص شرهم و عجزوا عما كانوا كانوا يفعلونه بدونه و قتل من قتل منهم فكان تعجيل موته خيرا من طول عمره فى الكفر له و للناس فكان محمد صلى الله عليه و سلم رحمة للعالمين بكل إعتبار فلا يستعاذ منه و من أمثاله من الأنبياء و أتباعهم المؤمنين و هم من الناس و إن كانوا يفعلون بأعدائهم ما هو أذي و عقوبة و ألم لهم فلم تبق الإستعاذة من الناس إلا مما يأتى به الوسواس إليهم فيستعاذ برب الناس ملك الناس إله الناس على هذا التقدير من شر الوسواس الذي يوسوس للمستعيذ و من شر الوسواس الذي يوسوس لسائر الناس حتى لا تحصل منهم شر للمستعيذ فإذا لم يكن للناس شر إلا من الوسواس كانت الإستعاذة من شر الذي يوسوس لهم تحصيلا للمقصود و كان حسما للمادة و أقرب الى العدل و كان مخرجا لأنبياء الله و أوليائه أن يستعاذ من شرهم و أن يقرنوا بالوسواس الخناس و يكون ذلك تفضيلا للجن على الإنس و هذا لا يقوله عاقل .
فإن قيل فإن كان أصل الشر كله من الوسواس الخناس فلا حاجة