.
والمقصود هنا أن هذه السورة دلت على ما تدل عليه مواضع أخر من القرآن من أن الله يرسل الرسل إلى الناس تأمرهم و تنهاهم يرسلهم مبشرين و منذرين كما قال تعالى ( و ما نرسل المرسلين إلا مبشرين و منذرين ( ينذرون الذين أساؤا عقوبات أعمالهم و يبشرون الذين آمنوا و عملوا الصالحات بالنعيم المقيم و ( أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ( .
فقوله ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ( بيان منه أن الكفار لم يكن الله ليدعهم و يتركهم على ما هم عليه من الكفر بل لا يفكهم حتى يرسل إليهم الرسول بشيرا و نذيرا ( ليجزي الذين أساؤا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى ( .
و مما يبين ذلك أن ( حتى ( حرف غاية و ما بعد الغاية يخالف ما قبلها كما في قوله ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ( و قوله ( حتى يطهرن ( و قوله ( حتى تنكح زوجا غيره ( و نظائر ذلك .
فلو أريد أنهم لم يكونوا منتهين و يؤمنون حتى يتبين لهم الحق لزم أن يكونوا كلهم بعد مجيئ البينة قد إنتهوا و آمنوا فإن اللفظ عام فيهم