.
و كذلك لو كان المراد أنهم كانوا متفقين على تصديق الرسول حتى بعث لزم أن يكونوا كلهم كانوا يعرفونه قبل إرساله إليهم و أنهم كلهم بعد إرساله تفرقوا و اختلفوا و كلاهما باطل فكثير منهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني و لم يكونوا يعرفون ما في الكتب من بعثه و من أمور أخر و لما بعث فقد آمن به خلق كثير منهم و لم يتفرقوا كلهم عن الإيمان به .
و حينئذ فالآية لم تتضمن مدحهم مطلقا كما ظن من ظن أن معناها أنهم لم ينتهوا و لم يؤمنوا حتى يتبين لهم الحق و لا تتضمن ذمهم مطلقا كما ظن من ظن أنهم لما جاءهم الرسول تفرقوا و اختلفوا بعد ما كانوا متفقين على التصديق بل تضمنت مدح من آمن منهم بالرسول و ذم من لم يؤمن و الإخبار أنه لابد من إرسال الرسول إليهم فيؤمن به بعضهم و يكفر بعض .
قال تعالى ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله و رفع بعضهم درجات و آتينا عيسى بن مريم البينات و أيدناه بروح القدس و لو شاء الله ما إقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات و لكن اختلفوا فمنهم من آمن و منهم من كفر و لو شاء الله ما إقتتلوا و لكن الله يفعل ما يريد