بل كثير من الناس لا يتصور هذا تصورا تاما بل متى تصور الحادث قدر [ في ] ذهنه مبدأ ثم يتقدم فى ذهنه شيء قبل ذلك ثم شيء قبل ذلك لكن إلى غايات محدودة بحسب تقدير ذهنه كما يقدر الذهن عددا بعد عدد و لكن كل ما يقدره الذهن فهو منته .
و من الناس من إذا قيل له ( الأزل ( أو ( كان هذا موجودا فى الأزل ( تصور ذلك و هذا غلط بل ( الأزل ( ما ليس له أول كما أن ( الأبد ( ليس له آخر و كل ما يومئ إليه الذهن من غاية ف ( الأزل ( و راءها و هذا لبسطه موضع آخر .
و المقصود هنا أن هؤلاء الذين قالوا معرفة الرب لا تحصل إلا بالنظر ثم قالوا لا تحصل إلا بهذا النظر هم من أهل الكلام الجهمية القدرية و من تبعهم و قد إتفق سلف الأمة و أئمتها و جمهور العلماء من المتكلمين و غيرهم على خطأ هؤلاء فى إيجابهم هذا النظر المعين و فى دعواهم أن المعرفة موقوفة عليه إذ قد علم بالإضطرار من دين الرسول صلى الله عليه و سلم أنه لم يوجب هذا على الأمة و لا أمرهم به بل و لا سلكه هو و لا أحد من سلف الأمة فى تحصيل هذه المعرفة .
ثم هذا النظر هذا الدليل للناس فيه ثلاثة أقوال