فيقال لهؤلاء هذه الحوادث مشهودة ألها محدث أم لا فإن قالوا ( لا ( فهو غاية المكابرة و إذا جوزوا حدوث الحوادث بلا محدث فتجويزها بمحدث لا إرادة له أولى .
و إن قالو ( لها محدث ( ثبت الفاعل و إذا ثبت الخالق المحدث فأما أن يفعل بإرادة أو بغير إرادة فإن قالوا ( يفعل بغير إرادة ( كان ذلك أيضا مكابرة فإن كل حركة فى العالم إنما صدرت عن إرادة .
فإن الحركات إما طبعية و إما قسرية و إما إرادية لأن مبدأ الحركة إما أن يكون من المتحرك أو من سبب خارج و ما كان منها فإما أن يكون مع الشعور أو بدون الشعور فما كان سببه من خارج فهو القسري و ما كان سببه منها بلا شعور فهو الطبعي و ما كان مع الشعور فهو الإرادي فالقسرى تابع للقاسر و الذي يتحرك بطبعه كالماء و الهواء و الأرض هو ساكن فى مركزه لكن إذا خرج عن مركزه قسرا طلب العود إلى مركزه فأصل حركته القسر و لم تبق حركة أصلية إلا الإرادية فكل حركة فى العالم فهي عن إرادة .
فكيف تكون جميع الحوادث و الحركات بلا إرادة .
و أيضا فإذا جوزوا أن تحدث الحوادث العظيمة عن فاعل غير مريد فجواز ذلك عن فاعل مريد أولى