لأن جميع المخلوقات خلقت لغاية مقصودة بها فلابد أن تهدى إلى تلك الغاية التى خلقت لها فلا تتم مصلحتها و ما أريدت له إلا بهدايتها لغاياتها .
و هذا مما يبين أن الله خلق الأشياء لحكمة و غاية تصل إليها كما قال ذلك السلف و جمهور المسلمين و جمهور العقلاء وقالت طائفة كجهم و أتباعه إنه لم يخلق شيئا لشيء و وافقه أبو الحسن الأشعري و من اتبعه من الفقهاء أتباع الأئمة و هم يثبتون أنه مريد و ينكرون أن تكون له حكمة يريدها و طائفة من المتفلسفة يثبتون عنايته و حكمته و ينكرون إرادته و كلاهما تناقض و قد بسط الكلام على فساد قول هؤلاء فى غير هذا الموضع و أن منتهاهم جحد الحقائق .
فإن هذا يقول ( لو كان له حكمة يفعل لأجلها لكان يجب [ أن يريد ] الحكمة و ينتفع بها و هو منزه عن ذلك ( و ذاك يقول ( لو كان له إرادة لكان يفعل لجر منفعة فإن الإرادة لا تعقل إلا كذلك ( و أرسطو و أتباعه يقولون ( لو فعل شيئا لكان الفعل لغرض و هو منزه عن ذلك (