فجاء مجيءَ الغَيثِ الجَدْبِ هاطلاً ... وقرَّتْ عيونٌ واطمأنّ قلوب .
فيا حبّذا بُشرى شَفَتنا من الضَّني ... ولله أنسٌ يومَ ذاك وطيب .
الأستاذ أبو المعمَّر نعيم بن الحسن .
بن المظفَّر .
هذا الفاضل كما أظنُّ من فضلاء كَنْجَةَ وأُورده ها هنا سَهواً . قال : .
سلامٌ عليكَ سلامٌ إذا ... أتاكَ تحمَّلَ عرفَ الشَّذا .
وشَوقي إليكَ يَرضُّ العظامَ ... ويولي الجُفونَ فنونَ القذى .
وطيفُك يَطرقُني للسلام ... خِلال الظلام إذا اجْلَوَّذا .
فإنْ هزمتْه جيوشُ الصباح ... طِعاناً حكى مثل برقٍ غَذا .
ثنى عِطفه ومضى واغتذى ... وتاهَ على الصَّبِّ واستحْوذا .
يُراقبُ سمعيَ وقتَ الأذان ... فيحْذرُ نفسيَ وقتَ الأذى .
نَجورُ ويَعدلُ عندَ العناق ... ويَمضي ويتركُنا هكذا .
فيا حبّذا عدلُه المستلذُّ ... ويا حبَّذا حكمُه المُحتذى .
وله أيضاً : .
يا شادناً يتحرّى غَدرةَ الذِّيبِ ... قلِّصْ فديتُكَ من أذيال تَعذيبي .
صدَقتُكَ الحبِّ من سِرِّ الفؤاد ضَنىً ... ففيم ردّي بظنِّ فيكَ مكذوبِ .
فُضَّ الختامَ وذهَّبْ بالكؤوس يَدي ... فالأرضُ ما بين تَفضيضٍ وتذهيب .
والجَوُّ ما بينَ أسجالِ الغَمام وتَسْ ... جاع الحَمام وتَسْكابِ الشآبيب .
فمن هزارٍ عنِ الألحان مُرتجِزٍ ... ومن رذاذٍ على الرَّيحان مَسْكوب .
أبو العلاء المِهْرِقانيُّ .
هو من فضلاء أصبهان بالتحقيق . أنشدني الشيخ أبو عامر له قال : أنشدني لنفسه : .
أيا مَن رَنا فاستأسَرتْني لحاظُه ... وما ليَ عنهُ في الإسار أمانُ .
تملّكتَ فاصنعْ ما بدا لك ريثما ... يُحيطُ بنار العارضين دُخانُ .
أبو سعد محمد بن عبد الرحمن .
الصيدلاني الجُرجاني .
قال الشيخ أبو عامر كان هذا الفاضل يُحسن الأدب لا إلى غاية . مات سنة ثلاث وستين وأربعمائة . قال : وأنشدني لنفسه : .
إنَّ البراغيثَ بالليالي ... إذا توثّبنَ في القِتال .
مخلع البسيط .
لمُشبهاتٌ على فراشي ... بَزْرَقَطونا على المَقالي .
قلت : أخذه من قول الآخر : .
لو تَراني والبراغي ... ثُ بجسمي يَعبثونا .
خِلتَ أنّي نائمٌ في ... بَيدر البَزْرقطونا .
قال : وأنشدني الصيدلاني أيضاً لنفسه : .
أرَّقَ عيني لدغُ سودٍ لادِغَهْ ... تَبيتُ في فضل دمائي والِغَه .
تُصبحَ نفسي من دمائي فارغِهْ ... كأنَّ جِلدي نسغَتْهُ ناسغِه .
لا تُصلحُ الفاسد منه الدابغَه .
قلت : لو نسبتَ هذا الفاضل إلى الغالب عليه لسميتَه " المستغيث من البراغيث " .
الأستاذ أبو الفرج بن هِنْدو القُمِّيُّ .
كأنّ الفضلَ لم يُخلقْ إلا لأجله فهو أميرُ النظمِ والنثرِ بخيله ورَجْله . وقد ظفرتُ بديوانه فلم أجنحْ للتجافي عنه والتخطّي وأثبتُّه على ما فيَّ من الملال بخطّي . فكنت فيه كالغوّاص ينفرد بذاته في طلب الفرائد ويخرج من الحمأ حصى القلائد . وناهيكَ بشعره جداً وهزلاً وبنثره حديثاً وغَزَلاً .
ولم أُرد أن يكون كتابي هذا من حَلْيه عاطلاً وألاّ يجود رياضه ذلك الغمامُ هاطلاً . فكتبتُ منه ما هو الماء الزلالُ والسحر الحَلال . أنشدني ابنه أبو الشرف عماد قال : أنشدني والدي C لنفسه : .
يا سَيفُ إنْ تُركْ بحاشية اللِّوى ... ثاراً جعلتُ له غراركَ غارما .
أجعلْ قِرابَك فضَّةً مسبوكةً ... وأصُغْ عليكَ من الزَّبَرْجَدِ قائما .
كُنْ للرؤوس فَدَتْكَ نفسي ناثراً ... كيما أكون لمدحِ نظمكَ ناظِما .
هل أرضعتْك صَياقلي ماءَ الرَّدى ... إلاّ لتُرضعَني الدماءَ سواجِما .
وله أيضاً : .
أسِحِّي دمي يا أمَّ عمرٍ أوِ احقُنِي ... قليلٌ لدينا أنْ يُباحَ لك الدَّمُ