وقد يستقيمُ المرءُ فيما يَنوبه ... كما يستقيمُ العودُ من عَرْك أُذنه .
ويَرجَحُ من فضل الكمال إذا مشى ... كما رجحَ الميزان من فضل وزنه .
وأنشدني لنفسه أيضاً : .
اِسترزقِ الله فالأرزاقُ في يده ... ولا تمُدَّ إلى غير الإله يَدا .
وحاذِرِ الدهرَ أنْ يلقاكَ مُنفرداً ... فمُهرَقُ النَّردِ مأخوذٌ إذا انْفردا .
وقوله : .
أتشكو أم كذلك فالتصابي ... قَبيحٌ بعدَ شيب العارضينَ .
ولا ترجُ الشبابَ يعودُ يوماً ... وإنْ نَعموا بعود القارظَيْن .
قوله : " أم كذلك " اختصار تقف مطايا الإحسان هنالك .
وقوله في الأوصاف : .
يا رُبَّ كوْماءَ خَضبتُ نَحرَها ... بمُديةٍ مثل القضاء السابق .
كأنّها والدمُ جاشَ حولها ... سَوسنةٌ زرقاءُ في شقائقِ .
وقوله في معنىً عنَّ له : .
سُبحان كيفَ محا العِذا ... رُ سَناءَ البَدر المُحَجَّبْ .
قد كان كالظَّبيِ الغَري ... ر فصارَ كالقِرد المُذنَّبْ .
وجهٌ كجَوز الهند في ... ذقْن كليفِ الجَوزِ أهلبْ .
وعِمامةٍ كالدَّنِّ فو ... ق قفاً من الإدبار أجربْ .
قد كنتُ أهوى أنْ أرا ... هُ وأن يُغنِّني فأطربْ .
فالآنَ لا أختارُ أنْ ... ألقاهُ إلاّ وهْو يُصلب .
وله في مجونٍ بالجِد معجون : .
ادَّرِعِ الصبر وكنْ آخذاً بالرفق والإشفاق والخوفِ .
ولا تكنْ أعجلَ من فيشةٍ ... عِنانُها أُطلقَ في الجوف .
ومن أهاجيه التي تنساب أفاعيه قوله فيمنْ أهدى إليه نَزْراً وجعل مدَّ الإحسان جَزْراً : .
أوجعْتُ قلبكَ إذْ أهديتَ لي مائةً ... فالله يَجزيك مني يا أبا الفَرْجِ .
الضَّرطُ في ذقنكَ المنتوف شاربُه ... والأيرُ في اسْتِ أمّك المَهتوكةِ الشَّرْج .
وله أيضاً : .
يا ذا الذي ضافَ أبا مجدٍ ... فبات في جوعٍ وفي جُهدِ .
تَغدَّ في البيتِ إذا ضِفتَهُ ... فخُبزُه في ريعة النِّدِّ .
وقال يذكر غلاماً له زعموا أنه يريد أنْ يهرب على فرسه وهو من أملح ما سمعتُه : .
أتهربُ معْ فرسي يا خَبيثُ ... أراحَني الله من شَرِّكا .
ولستُ أظنُّكَ تقوى عليه ... وإنْ أنتَ دقَّقتَ في مَكرِكا .
فإنَّ مَقيلي على ظهره ... وإنّ مَبيتي على ظَهركا .
وله يهجو إنساناً ملقُوَّاً استقبحه مَلقيّاً فاتَّخذَه مَقْليّاً : .
لم ترَ خلْقاً رأى الخليلَ فلم ... يَعتبْ عليه لقُبح منظرهِ .
كأنه رامَ في سَفاهتِهِ ... عضَّ شَبا أذْنه بمِشْفِرِهِ .
وله يهجو خَطيبَ اسْتَرابادَ : .
أما تسْتحي وَيْكَ من منظركْ ... ومن سُوءِ ما شاعَ من مَخْبركْ .
وتَزعمُ أنّكَ أنتَ الخطيبُ ... فلِمْ يَخْطبونَ على مِنبركْ .
وله يتأسّف على مواريث الشيخ الرئيس أبي ربيعة Bه ووقوع الوَرثة فيها وقوع السوس في الخَزِّ والسرحان في السرح مصروفةً عن مفترضاتها إلى غير جِهاتها : .
برغْميَ أنْ أرى في كلّ يومٍ ... تراثَ أبي ربيعةَ في المعاصي .
فشَطرٌ في مُراودة البغايا ... وشطرٌ في أباريق الرُّصاصِ .
فلا في الجود مصرفُهُنَّ يوماً ... ولا في شِبعِ أيتام خِماص .
ألا فسقى الإلهُ ضريحَ عمرٍو ... بَوارِقَ غيرَ مخلِفَةِ النَّشاصِ .
وإنْ خلاهُمُ فينا تُيوساً ... تُناطح كلَّ يومٍ بالصَّياصي .
أراذلُ حسنَ تَخْبُرُهم تراهُمْ ... وما هُم باللُّباب ولا المُصاصِ .
وكانَ فسادُ مولدهم يقيناً ... من الأمِّ اللَّموحِ من الخَصاص .
فقد شَمِطتْ ذَوائبُها وليستْ ... على أمرٍ سِوى فَتلِ العِقاص .
إذا وَدقَتْ سمعتَ لها رُغاءً ... كما يَرغو الفقيرُ من القِلاصِ .
فجَذَّ اللهُ دابِرهُم فما هُم ... سوى غيظِ الأُداني والأقاصي .
وأنشدني لنفسه :