لربّ بدورٍ عُجّرتْ بدياجِرِ ... وربَّ خُدورٍ هُتِّكتْ خَفَراتُها .
فمن فَتَياتٍ نُطِّقت بذوائبٍ ... ومن فتيةٍ مسَّ الثَّرى وَفَراتُها .
ومن أعيُنٍ غُضّتْ وكانت عَليّةً ... تُشاوسُ ألحاظَ الدُّجى نظراتها .
ومنها : .
أساغتْ بُطونُ الأرض سودَ أُسودِها ... ولقد لُفظت فوق الثَّرى حَشَراتُها .
فكُنْ للمعالي يا أباها بُعيدَهُ ... حُساماً تجدْ عنك العِدا وَتراتُها .
وما للمنايا عن عِدىً وأقاربٍ ... مراحٌ إذا عاد الورى سَكراتُها .
عزاءً على الدنيا وصبراً على الردى ... إذا ما دَواعيه عَلت نُعَراتُها .
تنكّرتِ الأيامُ لا بل تنكّستْ ... فقد شابَهت آصالَها بُكَراتُها .
ألا فليرثِ نَجلُ الإمام وصِنوُه ... بقايا عُلاً تُحْوى بها أثَراتُها .
وما بعدُ عبدِ الله إلاّ لنَجْله ... وسائدُه فلتحْوهِ فغَراتُها .
إذا ما خلا الميدانُ عن قُرح الوَغى ... أُقيمتْ على مضمارها مُهراتُها .
ومما أنشدني لنفسه قوله من فخريّة : .
يا لَلْوزارةِ ما لي لا أغضُّ بها ... وما لها لا تُعلّى أو تشرَّف بي .
وهذه مبالغة حسنة ومن عجيب ما سنح من فخرياته تخلّصه من صفة البُرغوث والبَقّ إلى نوعٍ من فخره المستحقّ في أُرجوزةٍ له يقول فيها : .
رقْصُ البراغيثِ وزَمرُ البقِّ ... في مُفحصٍ مُخصَّصٍ بالذَّرْقِ .
يَرعَينَ بين أخمصي والفَرقِ ... لحماً جَرتْ فيها دماءُ العِتقِِ .
ومن فخرياته الحسنة قوله مما أنشدنيه لنفسه : .
لئن كان حظّي منكَ أني مُخوَّلُ ... لحظُّك أُثني إذ تجودُ وأٌقبل .
فقد نلتَ منّي رُتبةً لا تُناولها ... ذُكاءُ تُعاطيني السَّنا فأُطلَّل .
ومنها : .
مشتْ فيَّ أحداثُ الليالي كأنّها ... سُيولُ حَريقٍ في الإباء تغلغَلُ .
أجوعُ وأظْما عِفّةً وتَكرُّماً ... وقد ضَجَّ بي وادٍ وغَطْغَطَ مِرجلُ .
مَكارمُ خاطتْها العُلا بجلودنا ... فما هيَ عن أبشارنا تتنقَّلُ .
وأنشدني لنفسه من غزلية : .
ما هيَ إلاّ لطخةُ الغاليهْ ... وهْيَ لَعَمري لطخةُ غاليَهْ .
اُنظرْ إليها كدُجى مِسكِهِ ... في ضوء شمس الضَّحوة العاليهْ .
وحولَها من صُدعه عَنبرٌ ... كالعُذَر السودِ على الغاليَه .
وهْي على مذهبنا قِبلةٌ ... للقُبَل العاطرة الحاليَه .
فبوركتْ خِلقةُ تَضميخه ... لم تَمْتَهِنْها أُنملُ الطاليَهْ .
قد خَطرَ الشوقُ على باليَه ... إثرَ رُسومِ الصَّبوةِ الباليَه .
وشَوقُ قلبي بجُنون الهَوى ... نَشوانُ لا يعرفُ ما حاليَه .
وأنشدني أيضاً لنفسه من غزلية : .
أميرُ الحُسنِ لا يَلْوي عَزيمَهْ ... ويقسمُ في ضَرائره الغَنيمةْ .
وما ذا ضَرَّهُ لو أنّ لامي ... يُغزلُ في خِلال المَشْقِ مِيمَه .
وقال وُشاتُه : لم تَحظَ عنهُ ... وقد ثقَّبت درَّتَه اليتيمَهْ .
وله أيضاً من حادثة في بعض الغِلمان : .
إنّ الكَرنَديَّ رُوشناً خُرَّه ... في غِلْمةٍ وجهُهُ لَهُم غرَّهْ .
فخيِّطوا بالعُقار مُقلتهُ ... ومَزَّقوا لا وثَقِّبوا درَّه .
قلت : ما أحسن استدراكه اللفظة الفاحشة مع جمعه بين ضدّي التخييط والتمزيق ! .
وهذا من باب التوفيق للتلفيق . وكتب إلى القاضي أحمد بن منصور بن محمد الآزدي الهَرَوي يعاتبه وبينهما محاوراتٌ ومكاتبات : .
الذَّنبُ لي لا لمنصورٍ وللكرمِ ... أنا المضِّيعُ يا ذِيبَ العُلا كَلِمي .
ناسَمْتُه فتَلقَّتْني سمائمُهُ ... ليتَ الجَفاء كفاءٌ منه للنِّعَمِ .
وله في غلامٍ أورد الماء مُهرا .
وظبْيٍ أوردَ الماءَ ... غزالاً حاليَ النَّحر .
فأبصرتُ غزالينِ ... مَرُحينِ إلى النهرِ