ومكحَّلٍ بالسِّحرِ أحورَ شادنٍ ... حَيّا بنرجِسةٍ غَداة بُكور .
فكأنه وكأنها في كفّه ... بدرٌ يُريكَ التِّبرَ في كافور .
قد رُكِّبتْ فوق الزَّبَرجَدِ خِلقةً ... تحكي فُتورَ اللفظ من مخمور .
وله أيضاً في البنفسج : .
هذا البنفسج قد بدا ... يحكي لنا بين الرياض .
في خدّ أحورَ شادنٍ ... آثارَ قَرصٍ في البَياض .
أبو هاشم العلوي الهمداني .
كتب إلى الصاحب إسماعيل بن عبّاد رحمة الله عليه : .
سألتُ الإله الخَلقِ حَولاً مُحرَّماً ... ليصرف سُقم الصاحب المُتفضِّل .
إلى بدني أو مُهجتي فاستجاب لي ... فها أنا مولانا من السُّقم ممتلي .
فشكراً لربّي حين حوَّل سُقمه ... إليّ وعافاه ببرءُ مُعجَّلِ .
وأسأل ربي أن يُديم علاءه ... فليس سواه مفزعٌ لبني علي .
فأجاب : .
أبا هاشم لو أرض هاتيك دعوةً ... وإنْ صدرتْ عن مُخْلصٍ مُتَفضّل .
فإنْ نزلت يوماً بجسمكَ علّةٌ ... فحاشاك منها يا عليّ بني علي .
فنادِ بها في الوقت غيرَ مُعرِّجٍ ... إلى جسم إسماعيل دوني تَحوَّلي .
فلا عيشَ إلاّ أنْ تدومَ مُسلَّماً ... وصَرفُ الرزايا عن ذَراكَ بمَعْزِل .
أبو سعد بن خلفٍ الهَمَداني .
كان من أعيان الدهر وأفراد العصر محموداً بكلّ لسان مشهوراً بكل مكان مشهوداً لكل إنسان . وله نظم أبهى من العقود ونثرٌ أحلى من المعقود . وكلاهما أطيبُ وأطربُ من ابن الغَمام صاهرَ ابنة العنقود . وليس يحضرني في العاجل من شعره أكثر من هذه الأبيات التي لو صوِّبت لقطرت من كثرة مائها : .
جَرتِ النَّوى بهم فما حَنُّوا ... رِفقاً بنا ونأَوْا فما أنُّوا .
إنْ كان عندهُمُ وقد رحلوا ... أنّا نُقيم فبئسَ ما ظنّوا .
لا بُدَّ منهم أيّةً سَلكوا ... إنْ أسعفوا بالوصل أو ضَنّوا .
لي عندهُمُ دَينٌ فوا عجباً ... الدَّينُ لي وفؤادي الرَّهْن .
أبو الفرج بن أبي سعد بن خلف .
ليست تساعدني عبارة أرضاها إلا أن أقول : هو كوالده في طريف الفضل وتالده . ومن محاسن كلامه قوله : .
ولي أُنمُلٌ تُغْني وتُفْني كأنّها ... مَسارُ غَمامٍ أو مُثارُ حِمام .
فما انبسطتْ إلاّ لإغناء مُقْتِرٍ ... ولا انقبضتْ إلاّ لهزِّ حسام .
وحكى ليَ الشيخ أبو عبد الله سليمان بن عبد الله النِّهرواني النحوي الأديب قال : حدّثني الأستاذ أبو الفرج قال : حدّثني أبو منصور بَهْرام بن ما فِنّه وزير الأمير أبي كاليجار : حبسني لعلّة خَتني بدر بن سما . وخفتُ على نفسي التلَف فكان خلاصي بعد صنع الله تعالى هذه الأبيات . وأنشدني لنفسه : .
ما يُخبّر ضيفُ دارك قومَهُ ... إن قيل : كيف مَعادُهُ ومَعاجُهُ .
أيقول : جاوزتُ الفراتَ فلم أجدْ ... رِيّاً لديه وقد طغتْ أمواجُهُ .
ورقيتُ في طَود العُلا فتضايقتُ ... عمّا أردتُ شِعابه وفجاجه .
وسعيتُ أقبِس جَذوةً من ناره ... فدَجا عليّ شهابُهُ وسِراجُه .
فلئن شكرتُ تَصنُّعاً وتَملُّقاً ... شكراً يكون منَ النِّفاق مراجُه .
لتُخبِّرنَّ خَصاصتي بتخرُّصي ... والماء يُخبرُ عن قَذاه زُجاجُه .
عندي يواقيتُ الكلام ودُرُّه ... وعليّ إكليل القريض وتاجُه .
يُرْبي على نَورِ الرُّبا أنوارُهُ ... ويرفُّ في وادي النَّدى ديباجُهُ .
والشاعر المِنطيقُ أسودُ سالخٌ ... والشعرُ منه لُعابه ومُجاجه .
وعداوةُ الشعراءِ داءٌ معضلٌ ... ولقد يَهونُ على الكريم علاجُهُ .
وأنشدني الشيخ أبو الفرج الحَسنيلي له وهو من أحسن ما يروي في معناه : .
وأنكرَ جاراتي خِضابَ ذُؤابَتي ... وهُنَّ به زيَّنَّ بيضَ الأنامل .
فوا عَجَباً منهُنَّ أنكرْنَ باطلاً ... عليّ ولم يَخْلُبنَ إلاّ بباطل