تَداركِ العَبدَ على ضعفه ... وارْحمْ بَناتٍ كفِراخِ القَطاة .
قالوا : خُراسانُ بعيدٌ وقد ... جاوزَتِ الراياتُ وادي هَرات .
فقلت والإقبالُ لي زائدٌ : ... هِمّةُ مولانا كفيل النَّجاة .
الأبهريُّ .
هو أبو المكارم عبد الوارث بن محمد متقدم القدم في الأدب لم قُرَمِطْ في ذلك الندب . ومن شعره البارع قوله : .
أينحلُّ معقودٌ ويختلُّ مُحكمٌ ... وأنتَ لمُلكِ الخافقين نظامُ .
فأَدْنِ مزاري أُرْومِنُكَ منَ المُنى ... فقد شفَّ أنضائي إليكَ أُوامُ .
وذَرني منَ الوالينَ أمسِ فإنّما ... وردتَ ينابيعَ الفَخار وحاموا .
دُللتَ وحاروا واعترفْتَ وأنكروا ... وجُدتَ وشَحّوا وانتبهتَ وناموا .
فما إنْ بكتْ أرضٌ عليهمْ ولا هَمتْ ... سماءٌ ولا قيلَ : الدموعُ سِجامُ .
كَذبْنا لهمْ قَولاً وجازوا كِذابنا ... فِعالاً فهِمْنا في الضَّلال وهاموا .
وله أيضاً من نظامية أخرى أوّلها : .
مُنيةُ النفسِ وإنْ ورّى اللسانُ ... عربياتٌ سَجاياها حِسانُ .
أنا في رَبع العُلا مستخدَمٌ ... ولقلبي في البَوادي جَوَلان .
عَربيٌّ سام قلبي شططاً ... لا منَ الدهر ولا منه أمانُ .
كلّما أبصرَ دمعي بدداً ... في هواه قال لي : هذا جُمانُ .
ومنها : .
عَدِّ عن هذا وقُل في زمنٍ ... ناشئٍ لم يَتَخوَّنْهُ الكيانُ : .
كانتِ الشهوةُ فيه هَرَما ... فنَضا أسمالَهُ ذاكَ الزمانُ .
قد ثمِلْنا فجهِلنا أنّنا ... في دِيان الراح أوفينا الدِّنانُ .
ولطيبِ النَّور فيه نفحةٌ ... مثلما دِيفَ لنا مسكٌ وبانُ .
يا نَديمي لا تُذِلْني إنني ... لك مثلُ السيف والسيفُ يُصان .
ربما أغناك يوماً مِقْولٌ ... حيثُ لا يُغْني ضِرابٌ وطِعانُ .
وعسى تدعوكَ يوماً حاجةٌ ... فامتحنّي وكفى المرءَ امتحانُ .
فأُرَقِّيها إلى مولىً له ... منذ مصَّ الماءَ بالمجد افتنانُ .
ملكٌ في جوده للمرتجي ... شرفٌ عالٍ ومالٌ عَكَنان .
ما رأينا آمِلاً خيَّبَهُ ... فإنِ ارتبتَ بقَولي فالرِّهانُ .
كنتُ في ثَوبِ خُمولي خافياً ... مثلَ معنىً مُشكلٍ لا يُستبانُ .
ومنها : .
رازحَ الحال به مضطرباً ... كزِحافٍ لا يُوازيه اتِّزانُ .
فأنا اليومَ كطَودٍ شامخٍ ... مثلما قيل : شَمام وأبان .
بُكرةَ النَّيروز والراح وما ... ينبع الراحَ من العيش لَيانُ .
صرفُها بِكرٌ فلا تعدلْ بها ... وإذا شعْشعْتَها فهْيَ عَوان .
أبو الحسن على بن الحسن السلمي الحَرّاني .
أنشدني له القاضي أبو جعفر : .
عبرتُ في سِكةِ ناخالِ ... والليل في سِربالِ إقبالِ .
حتى إذا هبّتْ أهاضيبُها ... بنَيءنَ أبوالٍ وأزْبالِ .
جعلتُ ذاك النَّتْنَ لي جُنَّةً ... من نَتْنِ أخلاقِ ابنِ ميكالِ .
عبد الرحمن بن محمد السَّرزُوريُّ .
اخترتُ من قصيدته التي أولها : .
خليليَّ إنّ المَكرُماتِ مواهِبٌ ... وللصيد في صَيدِ المَعالي مَراتبُ .
وإنّ ثَنيّاتِ الطريق مَضلّةٌ ... وللرُّشْدِ تهيج مَهْيَعُ المَتنِ لاحِبُ .
ومنها : .
سَما لديارِ الكُفر حتّى أبادَها ... فساحتْ على ساحاتهنَ المَعاطبُ .
وأرسلَ طُوفانَ السيوف عليهِمُ ... فلم يَبقَ منهم في المشارب شاربُ .
ولا عَنَّ فيها معقلٌ لم يهدَّهُ ... ولا مَوئلٌ لم تَبكِ فيهِ النَّوادبُ .
غَدَوا نَقَداً رِيعتْ بأُسدٍ ضَراغِمٍ ... ظماءٍ وأوداجُ الطُّغاة مَشاربُ .
وأصبحَ ما قد شيَّدوا وكأنّه ... لوِهْن المَباني ما تُسَدِّي العناكبُ