يُرَجّون كفّاً كفَّ عنهمْ نَوالَها ... خَصاصةُ أيامٍ تَجورُ وتظلمُ .
وتضمَّن خلاّقُ البريّةِ رِزقهُمْ ... ولكنْ على كفَّيه يُعطي ويَحرِم .
ففي كلّ أُفقٍ من معاليه أنجُمٌ ... وفي كل جيدٍ من أياديه أنعُمُ .
لئن حاز جُوداً لا تفارقُهُ يدٌ ... لقد حاز شُكراً لا يفارقه فَم .
وقال أيضاً : .
أودعتُه سِرّي مستكتماً ... فبثَّه الأحمقُ في الحال .
من يضعِ السِّرَّ لديه فقد ... أودعَ ماءً جوفَ غربال .
وقال أيضاً : .
تمنّيتُ الشباب فحين أنحى ... على شَعري تمنيتُ الشِّبابا .
أصبتُ من الليالي كلّ حظٍّ ... وما للمرءِ إلا ما أصابا .
إنّي ليُعجبني العِذارُ ممسَّكاً ... والصُّدغُ مطروحاً عليه مُزَرْفَنا .
ويَصيدني القَدُّ القَويمُ كأنه ... غُصُنٌ إذا عثرتْ به الريحُ انثنى .
ويشوقُني سحر العيون المجتلى ... ويروقُني وردُ الخدود المجتنى .
قلت : قلب فروة قول البحتري حيث يقول : .
إنّي وإنْ جانبتُ بعض بَطالتي ... وتوهَّمَ الواشون أنّيَ مُقْصِر .
ليشوقُني سحرُ العيون المُجتلى ... ويروقُني وردُ الخدود الأحمر .
وقال أيضاً : .
تلك الليالي وأيامُ الصِّبا ذهبتْ ... فلا يُحسُّ لها عينٌ ولا أثَرُ .
واحسرتا لشبابي قد مضى هَدَراً ... كذاك كل شبابٍ قد مضى هدَر .
وكنتُ أشعرَ خَلقِ الله كلهِمِ ... فماتَ شِعري لمّا شاب لي شَعَر .
الأستاذ أبو الحسن الشَّيباني .
أنشدني أبو عامر الجُرجاني له من قصيدة .
أغرُّ حَوى الوزارةَ والمَعالي ... بأيّامٍ تُغيرُ على الشباب .
منيعُ العِرض مبذول العطايا ... أليفُ الفيض طلاّعُ الروابي .
إذا ما استفحل الخطب اتَّقاهُ ... بعزمٍ في الحوادث غير نابِ .
وأرقشَ في مجاجته مَشوبُ ... نَقيعُ السمِّ بالضرب المُذاب .
يَمجُّ على مَهارقه لعاباً ... إذا ما ارتاح من فرحِ اللِّعاب .
ففي حالَي ندىً تَراهُ ... على العِلاّت يلعبُ بالرِّقاب .
وأبيضَ تستقيلُ العَينُ منهُ ... طَريرِ الغَرْب مأمونِ النِّصاب .
صَفوحٍ الصفح إنْسيِّ المُحَيّا ... جَهولِ العَزْب جنِّيِّ الذُّباب .
وأسمرَ يستدلُّ المنايا ... بأزرقَ لا يرقُّ ولا يُحابي .
يدبُّ الرقصُ فيه إذا تَلَوّى ... دَبيبَ الهَزِّ في قَدِّ الكَعاب .
أبو منصور سعيد بن محمد المُدَبِّجي .
أنشدني القاضي أبو جعفر البحاثي الزوزني قال : أنشدني العَبدُلْكاني قال : أنشدني المدبّجي لنفسه : .
يرى العارَ أن يُعطي إذا سُئلَ الندى ... وأنْ يتلقّى المعتفي بالمواعد .
ولكنّ للعافي بُدوراً مُعدّةً ... لديه ومُلقاةً مكانَ الوسائد .
أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي القَصْر .
أنشدني القاضي أبو جعفر البحاثي الزوزني له : .
أهوى الغزالَ إلى صَدْري ليلثمَني ... فقلتُ : كلاّ فللتقبيل أعضاء .
قرِّبْ سَوادك منّي والثِّمنَّ فمي ... فلثمُك الفَمَ للأموات إحْياءُ .
وله يعمّي اسم ناصر : .
اسمُ من أهواه يا مو ... لايَ كقلوبُ رُضابهْ .
صَحِّفْ الحَرفين منهُ ... وتأنَّقْ في طِلابهْ .
فإذا أنتَ ببَدرٍ ... يَتَلألأ في ثيابه .
وصْلُهُ أرْيُ دُبورٍ ... شِيبَ في ماء عِتابه .
والنَّوى عنه عذابٌ ... لا ابتُلينا بعذابه .
عبد الواحد بن محمد بن صالح الجَرباذَقانيّ .
يقول من قصيدة نظامية : .
اخترتُ للنفس لزومَ الضَّنى ... مُذ رقَّتِ الحالُ لضَيمِ الوُلاة .
فيا نظامَ المُلكِ يا مَن غدا ... مُوفَّقَ الرأيِ لنظْمِ الشَّتات