هو الليثُ سَطْواً وأقلامُهُ ... تنوب عن الناب والمِخلبِ .
هو البحرُ حقاً وألفاظهُ ... عُقودٌ من الدُّرِّ لم تُثقَبِ .
هو الغيثُ يسكبُ طولَ الزمان ... علينا إذا الغيث لم يُسكب .
عصيتُ اللوائمَ في قصده ... وقلتُ لمن أنّبتْ : أنِّبي .
تؤنِّبُني أنني لم أبِتْ ... أشيمُ حَيا بارقٍ خُلَّبِ .
وأصبحَ شيمي من بينهم ... لِداني الرَّبابة ذي هَيْدَبِ .
إبراهيم بن عُمرَ الجَرْباذَقانيُّ .
من مُدّاح الصاحب نظام الملك حرس الله أيامه . وله نمطٌ في الشعر صالح وحَمام فضله في أَيْك الأدب صادح . وممّا التقطتُ من أشعاره قوله في تشبيب قصدية نظامية : .
أفي الحقِّ يا مَن أنكر الحقَّ أنني ... ضَجيعُ الهوى أصبو إليك ولا تَصبو .
أما لكَ إشفاقٌ على قلبٍ هائمٍ ... لجيشِ التَّنائي في جَوانحه لهْبُ .
بَراهُ الهوى بَرْياً فلم يبقَ بعده ... لفرطِ الضَّنى إلاّ السويداءُ والخِلْب .
فإنْ لم يكن عطفٌ عليه فنظْرةٌ ... مُمنِّيةٌ يَحيا بها الرجُلُ الصَّبُّ .
فَصِلْ مغرَماً لم يجنِ قطُّ جِنايةً ... وليس له إلاّ محبَّتكم ذَنْبُ .
يقولون : عَزِّ القلبَ بعد فِراقِهِ ... فقلتُ لهُمْ : طوبايَ لو ساعد القلبُ .
ومَن لي بالصبر الجميل فإنني ... وإن غبتَ عن عيني كأنكَ لي نُصْب .
الأستاذ أبو الفضل إسماعيل بن محمد .
الكاتب الجَرْباذَقانيُّ .
قرأتُ له قصيدة فَريدة في مدح نظام الملك يُهنئه بالقدوم : .
أهلاً بيومٍ رائقٍ مُجْتلاهْ ... يُزهي على عِقد الثُّريا حلاهْ .
مَقْدمُ مولانا الأجلِّ الذي ... صُيِّرتِ الأعيادُ طُرّاً فِداهْ .
فالشمسُ فيه رايةٌ جَلَّلتْ ... مَوكبَهُ العالي دامتْ عُلاه .
وفي غِمار الحاجبين اكتسى ... شِعارَهُ بدرٌ سرى في دُجاه .
رَبعٌ هوَ الكعبةُ للمُجتدي ... والحَرمُ المسكونُ أمْناً ذُراه .
يضمُّ أنباءَ المُنى مثلما ... ضمَّ حَجيجَ البيتِ نُسْكاً مِناه .
لبّى به العافون شكراً كما ... حَوى المُلبِّين معاً أخشباه .
ودَّتْ نجومُ الأُفْقِ لو أنّها ... مَشاعلٌ تَقْدُمُ ليلاً سُراه .
وحاجِبُ الشمس يُرى كحلُهُ ... من موطئِ الحُجّابِ ركضاً تَراه .
وله أيضاً فيه : .
سلامٌ على شمس الكُفاة المؤمَّلِ ... رَضيِّ أمير المؤمنين أبي علي .
سلاماً يُحاكي عَرفُه ونسيمُه ... نَسيمَ الصَّبا جاءت بِرَيّا القَرنْفُل .
فيُمناه يُمنٌ شاملٌ لمؤمِّلٍ ... جَداه ويُسْراه يَسارٌ لمُرْمل .
إذا اجتمعتْ صيدُ الملوكِ حسبْتُهُمْ ... على بابه المعمور ورّادَ مَنهَلِ .
فلو رَدَّتِ الأيام كسرى بن هُرْمُزٍ ... لكان وبوّابَ الوزير بمنزل .
ومنها في صفة القلم : .
وأسمرَ مَشحوذِ الغِرارِ كأنّما ... شَباهُ إذا ما هزَّهُ غربُ مُنْصُلِ .
وما هو إلاّ الأُفعُوان فسمُّهُ ... وتِرْياقُه للمضمر الغِلَّ والوَلي .
الإسكافي الزَّنجانيُّ .
أنشدني له الشيخ أبو عامر الجرجاني : .
سأُطبقُ أجفاني على مضَضِ القَذى ... وإنْ حسب الجُهّال أنّيَ جاهلُ .
إلى أنْ يُتيحَ الله للناس دولةً ... تكون سِوى الأستاهِ فيها وسائلُ .
وله أيضاً : .
لو كنتُ ناراً وكان السِّرُّ من بَرَدٍ ... واستحفظوا فيه لم يُضررْ به لَهَبي .
وله أيضاً : .
وإني لأستحيي العَمائم أنْ تُرى ... على أرؤُسِ أولى بهنَّ المقانعُ .
أبو علي هِلالُ بن المظفَّر الزَّنجاني .
المعروف بالدَّيوْداري .
سمعتُ الشيخ أبا عامر الجرجاني يقول : هو اليوم في الأحياء . وله شعرٌ متينٌ كقوله : .
على بابه الميمونِ في كل ساعةٍ ... لأنباء آمالٍ مَحَطٌّ ومَوْسِمُ