سلامٌ عليكم لا سَلامُ مُودِّعٍ ... ولكنْ سلامٌ لا يَزول على البُعدِ .
قال : وأنشدني أيضاً لنفسه : .
بأصفهان سَقاها الله لي سَكَنٌ ... لولا الضرورةُ ما فارقتُهُ نَفَسا .
وَيلي فقلبي عراقيٌّ يرقُّ لهُ ... وقلبُهُ جَبليٌّ قد جَفا وقَسا .
لا برَّدَ الله أحشائي بزَورتِهِ ... إنْ كان سُلونُهُ في خاطري هَجَسا .
قال : وأنشدني لنفسه في عميد المُلك : .
غريبٌ على شَطِّ الفُراتِ مُناخُهُ ... وفي بَلدٍ نائي المُراد فِراخُهُ .
متى لمع البرقُ اعتلى صُعَداؤهُ ... تَرى لمعَهْ من نارِ قلبي انتِساخُهُ .
أقامَ بعالي الباب خمسة أشهرٍ ... وسادُسها قد حان منه انسلاخُهُ .
بقيتَ لهذا الشاهِ فَرزانَ دولةً ... تخِرُّ لديه ساجدين رخاخه .
أبو المطهر الأصفهاني .
أنشدني الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد الزاوي قال : أنشدني أبو المطهِّر لنفسه من قصيدة في الشيخ الإمام الموفّق : .
شُكراً لدهرٍ ما أجّلَّ صَنيعَه ... لمّا حَباني فضله المستغزَرا ! .
أدنى محلّي من وحيدِ زمانه ... وبنى بعزِّ جِواره لي مَفْخرا .
وأعادني بعد الهُبوط مُجرِّراً ... ذيلي على هام النجوم تَجبُّرا .
وأجارني مما اتّقيتُ فخِلتُني ... صاحبتُ في قَصَب العرين غَضنفرا .
يا أيّها المَولى الأجلّ ومن به ... أصبحتُ آمنَ مَن تحصَّنَ في الذُّرا .
بذِمار من قَسَم المكارمَ والعْلا ... وحَباك منهنّ النصيبَ الأوفرا .
إنّي وليٌّ ما أبدّل دائماً ... مني مَغيباً في هَواكَ ومَحضرا .
قلبي مقيمٌ في هواك مُحَرِّجٌ ... أنْ أرتجي يوماً سِواكَ وأنظرا .
أنْبَتَّني ورَعَيْتَني وسَمَوتَ بي ... غُصناً بأبكار البَيان مُنوَّرا .
يَبهى عليكَ بَهاءَ صارمِكَ الذي ... يَجلو بروْنقِهِ العَجاجَ الكْدرا .
فاستغنِ بي عمّن يُنلك وُدَّهُ ... عِلماً بأنّ الصيدَ في جَوفِ الفَرا .
قلبي كما قلّبْتَهُ لكَ مُخلضٌ ... ولسانُ شُكري في الثناء كما ترى .
وله من قصيدة أخرى : .
المُلكُ أصبح صادعاً بضيائه ... وأنيقِ رَونقه القديم ومائه .
مُذ قامَ مولانا بنظْمِ شؤونه ... وبحمْلِ ما قد جَلَّ من أعبائه .
مَنْ لم يطأُ دسْتَ الوزارة رافلاً ... حتى تعالى عن مدى أكْفائه .
مَن عمَّ بالإحسان أصنافَ الورى ... مُستنطقاً لهُمُ بحُسنِ ثَنائه .
حتى استعاروا الزَّهرَ من صَوب الندى ... في مدحه والبُردَ من صَنعائه .
مُتناهبين المِسكَ في أوصافه ... مُتخيِّرين الدُّرَّ في إطرائه .
منهُمْ شَكورٌ في المحافل معلنٌ ... بثنائه ومُخافتٌ بدُعائه .
الأستاذ الرئيس أبو نصر .
محمد بن عمر بن محمد الأصبهاني وهو أمين الملوك أبو نصر بن أبي حفص . شابٌّ طري الآداب غضُّ الشباب عالي الشِّعر غالي السِّعر . وردَ في خدمة الرِّكاب العالي النظامي بنيسابور فكان وروده كورود الورد بعد انحسار ورود البرد ونشر علينا من حُللِ فضله ما لا يُبليها الجديدان وبسطَ من عبقري يده ما ليس لكاتبٍ بمثله يَدان . فمهما أنشدنيه لنفسه قوله من أبيات خطب بها المجلس العالي النظامي : .
يا نظام المُلك يا ذا طَلعةٍ ... من جَبين الشمس أبهى مُشرقَه .
الموالي كُلُّهم في نِعمةٍ ... ما تَني منك عليهِمْ مغدِقه .
لا تَذَرْ عبدَكَ من جُملتِهم ... خارجاً كالخمسة المُستَرقَة .
وأنشدني لنفسه أيضاً من خمريّة قالها والكأس وردٌ والمَشموم وردٌ : .
باكرتُ والنجْمُ هوى هابطاً ... والصبحُ في وجه الدجى ارْفضَّا .
مُدامةً أسلبُها عيشَها ... واكتسي عَيشاً بها غَضّا