وتَعجُّبي لألِيَّتي ... بهواكَ وهْوَ بليَّتي .
وأنشدني لنفسه بالريّ سنة أربعين وأربعمائة : .
جعلتكَ منكَ يا سَكني مَلاذاً ... وجئتُك عائذاً إذ لا مَعاذا .
وهَبْكَ قَتَلْتَني فيقالُ : عَبدٌ ... حنى المولى عليه فكان ماذا .
وأنشدني له : .
منعتْ طيفها الزيارةَ ر َيّاً ... واختلافُ الرياح إهداءُ ريّا .
ولو أنّ الأحبابَ أنجُمُ ليلٍ ... لم بجُوْ أن تكون فيه الثُّريّا .
ومن أبكار معانيه قوله : .
ما شانَني حبسٌ وما ضَرّني ... ما جرَّ من حادث إقْتاري .
جَرَّبني الدهرُ بأحداثه ... تجربةَ الياقوتِ بالنار .
وأنشدني له أيضاً C تعالى : .
صنعَ العذارُ بخدِّه عَجَباً ... بَثَّ الدخانَ وأضرمَ اللَّهَبا .
بدأ الكتابة ثمّ أدركه ... ضَعفُ اليقين بها فما كتبا .
وكأنّما شَقَّ الشقيقُ على ... ذاك العذار قميصه طَرَبا .
أدّى مثال الصدغ عارضُهُ ... كحكاية المرآة ما قَرُبا .
أبو المحاسن إسماعيل بن حيدرٍ العَلَوي .
كان خبر هذا الفتى يَتضرامى إليّ وأسمعُ أنه قد نبغَ وانّ قميص فضله قد سبَغَ وهو في ريعان صباه سبق القاضي حيدراً أباه . فكنتُ أقترح على الأيام أن تكحلَني بطلعته فأقفَ على صِبغته كما وقفتُ على صنعته . حتى اتّفق حُصولي بالريّ في ديوان الرسائل بها . فكنتُ أنتظر أنه إذا سمع بي قصدي إما مفيداً أو مستفيداً . فلما تراخى عني وتنفّستُ على استبطائي إياه مدّة مديدةً قلت في نفسي : لعلّ له عذراً وأنت تلوم . وتعرّفتُ خبره . فزعموا أنه صاحب غُراس منذ أسبوع يكاد تنفجر عليه عين الفضل بينبوع . فكتبت إليه أعوده : .
عجَّل الله برءَ إسماعيلاً ... وجَلاه الشفاء عضباً ثقيلا .
لا يرو عنّهُ الذُّبول فقِدماً ... قد حَمِدْنا من القَناة الذّبولا .
ونسيمُ الرياض لا يكتسي الصحْ ... حةَ إلا بأنْ يَهبَّ عَليلا .
وحمل إليه أبوه القاضي حيدر هذه الأبيات وهو لِما به مستعدٌّ لمآبه فكتب إليّ ببِنانٍ يرتعش وقلمٍ لا يكاد ينتعشُ بيتين تمثّل بهما وهما : .
رَمَتني وستر اللهِ بيني وبينها ... ونحن بأكناف الحجاز رَميمُ .
فلو أنها لمّا رمتنْي رَميتُها ... ولكنّ عَهدي بالنضال قديمُ .
وانطفأ بعد ذلك بساعة وفي قلبي منه حَسرةٌ أتجرَّعها ولا أكاد أسيغُها . وفي العين عَبرةٌ أحلبها من الشؤون ثم أُسيلها . فمما أنشدني له أبوه قوله : .
طِبْ يا نسيمَ الريح نَشْراً ... وانشُرْ خَبايا الأرض نَشْرا .
فعسى تُعيدُ حشاشَةَ ال ... مهجور من ريّاكَ نشرا .
سَقياً لمعهدك الذي ... عَهدي به يهتزُّ بِشرا .
يا حبّذا ماءُ العُذَيْ ... بِ إذا سقى الأنضاء عَرا .
ولجلَّ خَطْباً أنْ تُنا ... زعَنا الوحوشُ إليه حَشرا .
وقوله في صفة السيف : .
ليعلَمِ العُرْب والعُجَيمُ معاً ... أنّا على الحادثات فِتيانُ .
من معشرٍ ما أظلَّ هامَهُمُ ... في المجد إلا ظُبىً وتيجانُ .
أولئك السادةُ الأُلى شَرفتْ ... مغارسٌ منهُمُ وأغصانُ .
يا ليتَ شِعري متى يُجلِّلُ من هامة ... قِرني أغرُّ عُريان .
يُضيء ما أظلمَ البهيمُ كما ... يضحكُ والدمعُ منه هَتّان .
كم قلت إذ شامهُ الكفاح لنا : ... إنّكَ يا مشرفيُّ فَتّان .
ألا فيُبدي فُتورُ جفنكَ لي ... أنّك بين القِراب يَقظانُ .
ومنها : .
سَقياً لأيامنا التي سَلَفتْ ... والدهرُ مُغْضي الجُفونِ وَسْنان .
حتى إذا قرّتِ العُيونُ بكمْ ... علمتُ أنّ الزمانَ غيرانُ .
فلَجَّ حتى تقاذفَت بكُمُ ... على مطايا الفراق غِيظان .
فما صَرمتمْ تَصارمت لكُمُ ... منّا بوصل السُّهاد أجفان .
وقوله أيضاً :