كانا إذا ما أفادا أبدعا غُررا ... ولم يُلمّا بمنحولٍ ومنحوتِ .
فالغمضُ بعدهما نِسْيٌ ومطَّرحٌ ... والصبرُ يعثر في أذيال مَبْهوت .
وأصبحَ العيش ممقوتاً ولستُ أرى ... بعد الأحبّة عيشاً غير ممقوت .
يحركُ الدهر منا ساكناً أبداً ... ويوقظ الموتُ منا طرف مسْبوتِ .
نُصابُ منه بداءٍ لا دواءَ له ... في طِبِّ أهرِنَ أو في سِحر هاروت .
أبو منصور أحمد بن محمد المَوصلي .
أنشدني الشيخ أبو محمد الحمداني قال : أنشدني هذا الفاضل لنفسه بالمَوْصل من قصيدة يصف فيها الفرس : .
أَطوي الفَلاةَ إذا طويتُ بجَسرةٍ ... وإذا ثويتُ حللتُ في مَثواكِ .
وبمُلجَمٍ بفِناء بيتكَ مسرجٍ ... تَدْمي درادرُهُ من التَّعلاكِ .
ينفضّ كالنجم انبرى للرجْمِ أو ... كالسهم طاحَ بملعب الأتراك .
من نسل أعوجَ والوجيه ولاحقٍ ... قيدِ الأوابد سابقٍ مَعّاكِ .
شَنِجُ النَّسا وعْلٌ كأنّ سَراتَهُ ... زحْلوفُ لعبٍ أو سَراةَ مَداكِ .
أبو سعد محمد بن حمزة المَوصلي .
لفظته الغربة إلى خُراسان فأقام ببلادها ورمتْ به المَوصل وهو من أفلاذ أكبادها . وهو صديقي الصدوق منذ سنين . وقد وجدتُهُ في أنواع العلوم من المحسنين ولم أر من ذوي الفنون مثلهُ على أن الدهر قد بخس حظّه وظلَمَ فضله . وقد أهدى إليّ من نتائج خاطره هذه القصيدة النظامية فألحقتُ منها بهذا الكتاب ما كان من شرطه وذلك قوله فيها : .
وهل تركتْ فيَّ الحوادثُ مُنّةً ... بها أستميلُ الخلَّ أو أستزيدُهُ .
وأيسرُ خطْبٍ عاقَ عزمي عن الصِّبا ... مَشيبٌ تداعتْ في العِذار وفودُهُ .
إذا لم يكنْ عقلُ الفتى وازعاً له ... فكلّ يدٍ من كل خَوْدٍ تَقودُهُ .
إذا عدمَ المرءُ الكَمالَ فإنه ... سواءٌ علينا فقدُه ووجوده .
إذا المرءُ لم يستأنفِ المجدَ نفسُهُ ... فلا خيرَ فيما أورثتْهُ جُدودُه .
إذا رنّق العذبُ الفراتُ فإنه ... عزيزٌ على نفسِ الكريم ورودُه .
بنفسي من الفتيان كل مُصمِّمٍ ... إذا صافح المكروه هان شديده .
قليلٌ إلى داعي الصِّبا لَفَتانُهُ ... كثيرٌ من المرعى الوَخيمِ صُدوده .
فلا تطبيه الغادةُ السهلةُ الحَشا ... ولا صدرُها الموفي عليه نُهودُهُ .
ومنها : .
مُجدِّدُ ما يُفنّي الردى ومُعيده ... ومُتلِفُ ما يُرضي العِدا ومُبيده .
يُعفّي ويُعفي سُخطه وابتسامُهُ ... ويُحيى ويُردي وعدُه ووَعيده .
أبرّتْ على وكْفِ الغمائم كفُّهُ ... وأرْبى علة جَودِ السحائب جوده .
تسير المعال حيث تَسري ركابُهُ ... وتدجو الليالي حيث تَدجو جنودُهُ .
وهَبَّ على أكناف كَرْمانَ هَبّةً ... فأسمعَ أهل الخافقين وئيدُهُ .
الوئيد : الصوت . قال : المثقّب : .
وجاءوا ففيها كوكبَ الشمس فحمةً ... تقمّصَ بالأرض الفضاء وئيدُها .
وألَقَمَ شِدقَيْها الرَّغيبين فيلَقاً ... تحوز على هوجِ الرياح بنوده .
فلمّا تجلّتْ رايةُ الحقِّ أيقنوا ... بأنْ ليس يُغني ذا الدِّلاص سَروده .
وولَّوا على أعقابهم فمحيَّنٌ ... قتيلٌ وفَلٌّ في البلاد طَريدُهُ .
وسَرحٍ من الآمال نامتْ رُعاتُهُ ... وصُبَّت عليه سيدُه وأُسوده .
تطرّقْتَهُ بالرأي حتى أرحتَهُ ... فقد آب راعيه وثابَ شَريدُهُ .
الحسين بن إبراهيم طَوقٍ المَوصليّ .
قال يمدح الصاحب نظام المُلك لما نزل شاطئ الفُرات متَوجّهاً إلى الشام : .
تَزايدي شَوقي وأخلقَني الحُبُّ ... وغابَ الكَرى مُذ غاب ناظري الحبُّ .
ومن قاده شوقٌ إلى من يُحبُّه ... فليس له قلبٌ يقرُّ ولا لُبُّ .
أروحُ على هَمٍّ وأغدو على هوىً ... أجوب الفلا والحُبُ أهونُهُ صَعْبُ