وأنشدني الشيخ أبو محمد الحمداني له في صفة دَجلة والزبازب فيها يوم موج : .
زَبازبُها على الأمواج تَحكي ... عقارب فوق حَيّاتٍ نطير .
تلوح كقطع ليلٍ في صباحٍ ... كما لاحتْ على الطِّرسِ السطور .
وأنشدني أيضاً له قال : أنشدنيه لنفسه : .
أخطُّ وأقلامي تُسابق عَبْرتي ... لأني عن جسمي كتبتُ إلى قلبي .
وأشكو الذي ألقاه من وَحشة النوى ... وشخصُك وُقِّيتَ الردى حاضِرٌ لُبّي .
فدتْك أبا يَعلى لعبدك مهجةٌ ... تُقلِّبها الأشواق جنباً على جَنب .
تبسّم عن أنباء حَضرتك العُلا ... ويُغْني بجَدوى راحَتيْك عن السُّحْبِ .
محمد بن عمران .
أنشدني الشيخ أبو محمد الحمداني قال : أنشدني أبو القاسم بن بَرهان النحوي له : .
تعجّبتْ لمّا رأت ... شَيباً علاني غُرَرُهْ .
هذا غَمامٌ للردى ... ودمعُ عيني مَطَرُهْ .
فقلت : كُفّي وارتعي ... يُنبيكِ عنه خَبَره .
أبو القاسم الصَّرَوي .
أنشدوني له ببغداد : .
ضَللْنا عن ندى الأستاذ عَجْزاً ... كما ضَلَّ الظِّباءُ عن الغِياض .
فَنَمَّ عليه معسول الأماني ... كما نَمَّ النسيمُ على الرياض .
وقد جِئناه أسرعَ من قلوبٍ ... أجابتْ داعي الحَدَق المِراض .
فجُدْ ما دام تخدمُك الليالي ... وأمرك نافذٌ في الخَلْق ماض .
وحدثني الشيخ أبو محمد الحمداني قال : حدثني أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ببغداد في رمضان سنة إحدى وخمسين وأربعمائة قال : أنشدني أبو القاسم الصِّروي بيتين كان أبو عبد الله عمرو بن يحيى ادّعاها لنفسه في مجلس المهلبي الوزير وأنكر أبو الفرج الأصبهاني ذلك وأخرجهما في أناشيد ثعلب وهما : .
أقول لها إذ بِتُّ في أسْر قومها ... وجامعتي عن منكبيَّ تَضيقُ .
لَما سرّني أنْ بِتِّ عني بعيدةً ... وأني من هذا الإسار طليقُ .
فقلت له : أيهما أحسن أهما أم بيتان عملتهما في هذا المعنى وهما : .
أقول لها والحيُّ قد نَذِروا بنا ... وما ليَ من كفِّ المَنون براحُ .
لَمَا ساءني أنْ وشَّحَتْني سيوفهمْ ... وأني من دون الوِشاح وِشاح .
فأمسك ساعة ولم يُجب ثم عمل في الحال ما أنشدنيه لنفسه : .
أيا مرحباً بالأسر يا أمَّ مالكٍ ... وجامعتي والقيدُ فيه قَريني .
إذا كنتِ في كسرِ الخِباء قَريبةً ... تَحُسّين مني زَفْرتي وأنيني .
قال : وأنشدني أيضاً لنفسه مما عمل في الحال : .
أقول وقد هزّ القَنا لِيَ قومُها ... وما ليَ من بين الأسِنّة مَذهب .
ألا ليت نَحْري للأسنّة ملعبٌ ... وكفّي في نَحْر ابنة القوم تلعَبُ .
الأعزّ أبو الفضل محمد بن إسماعيل .
رأيته ببغداد مصروفاً من عمل البصرة وهو في ولاية فضله وكتبت إليه بهذه الزائية : .
عَلَيَّ بها مُدَخَّنةً بنَدٍّ ... عليّ بها مُقَدَمةً بقَزِّ .
إذا ما قهقهَ الإبريقُ عنها ... ليسكو الكأس منها أحسن الزي .
تحيَّر ناظِري في عين ديك ... جَرتْ من مثل مِنقار الإوَزِّ .
أدرْها يا أعزَّ الناس عِندي ... على تذْكار سَيِّدنا الأعزِّ .
ولم يكد يسمح عليَّ بشيء من ثمرات خواطره غير أني قطفت من أفواه الرواة هذين البيتين له وهما : .
إشربُ إذا كان الزمانُ مُساعداً ... وارفُض مَقالةَ لائمٍ أو عاتِبِ .
كأساً إذا مُزجَتْ حَسبتَ حَبابَها ... حَلَقَ الدُّروع على عقيقٍ ذائِبِ .
ابن بحر بن البغدادي .
داهية الدهر وصمّاء الغير وإن عميتُ عليك أنباؤه فساْني عن الخبر ؛ شيخٌ نسر لقمان عنده فُرَيخ . وقد حُجب بصرُهُ وكُفَّ فإذا أُخرجتْ إليه الأيدي لم يكدْ يبصرُ الأكفَّ تقطُر من لسانه البذاءة وتتعجَّن بطينته الإساءة وتعمُّ منه في الناس المَساءة