لما رأيتُ سُلُوِّي غير مُتَّجهٍ ... وأنّ غربَ اصطباري عاد مَفْلولا .
دخلتُ بالرغم مني تحت طاعتكمْ ... ليقضي الله أمراً كان مَفْعولا .
قال : وأنشدني أيضاً له في مثل هذا الاقتباس : .
ما زلتُ أزجُرُ قلبي عنكمُ ثقةً ... بأنّ عقدكمُ ما كان محلولا .
فحلّ بي منكم ما كنتُ أحذره ... ليقضيَ الله أمراً كان مفعولا .
قلت : والدي رحمة الله عليه أسبق من هذا الواسطي إلى الغاية في افتتاح هذه الآية فقد رثى غلاماً في السياق بما أوجب له حيازة خَصْل السباق . وهو : .
وشاغلٍ بالنوى قلبي ليجرحه ... أمسى جريحاً بنوع الروح مشغولا .
مشى برجليه عَمداً نحو مصرعه ... ليَقضيَ الله أمراً كان مفعولا .
قال : وأنشدني الأجلُّ أبو عبد الله المردوسي له : .
وصافيةٍ صهباء من نسلِ كرْمَةٍ ... مناسبها قد أعرقتْ في المكارمِ .
يطوفُ بها ساقٍ أغرُّ كأنّه ... هلالٌ تبدّى من خلال الغَمائم .
لواحظه وقعُ الأسنّة دونها ... وألفاظه سَلُّ السيوف الصوارم .
له حركاتٌ في اعتدال قَوامه ... يُريكَ التثّني في الغصون النواعم .
وفي عارضَيه للمُحبِّ مُعاذرٌُ ... بخطِّ عذارِ كفَّ غَربَ اللوائم .
وأنشدني الشيخ أبو الفضل جعفر بن يحيى المكيُّ الحكّاك قال : أنشدني ابن بشران لنفسه من قصيدة : .
تبسَّم عن بَرَدٍ ناصع ... ولاحظَ عن مُرهَفٍ قاطِعِ .
وحَطَّ اللثامَ فقلنا : الغمامُ ... تجلّى عن القمر الطالع .
أبو يَعلى محمد بن الحسن البصري .
حدثني الشيخ أبو عامر الفضل بن إسماعيل الجُرجاني قال : لقيتُ هذا الفاضل وكان فتىً لطيفَ الشمائل وروحاً كلّه . وأنشدني له : .
يا عليّ بنَ عبيد ال ... له بالله العظيم .
رُضِّعتْ في الكوانِ أخلا ... قُكَ من دَرِّ النسيم .
أم تكوَّنتَ أبا الطَّيْ ... يب من ماء النعيم .
فلهذا أنت كالأر ... واح تجري في الجسوم .
وأنشدني أيضاً له : .
يا واحداً في الفَهَم ... من عرب أو عجم .
ويا فتىً باهتْ به ... شِيراز بين الأمم .
يا بنَ أُسودٍ مالَها ... غيرُ القَنا من أجَم .
يا مَن إليه العِلمُ من ... بين البَرايا ينتمي .
أَبغيكَ حِبراً جيّداً ... مثلَ مُذابِ الفَحمَ .
أو كدُجىً قد طُمِسَت ... فيه عيونُ الأنجم .
أو كليالٍ بِتُّها ... أُسقى كؤوسَ العَدم .
في أرض نيسابورَ ما ... بين طعامِ العجَم .
فقد أكلتُ بينهم ... لحم يدي من كرم .
وأنشدني أيضاً قال : أنشدني لنفسه : .
إنّ الغريبَ بحيثُ ما ... حَطّتْ ركائبُهُ ذليلُ .
ويدُ الغريب قصيرةٌ ... ولسانُه أبداً كَليلُ .
والناسُ ينصُرُ بعضُهمْ ... بعضاً وناصِرُهُ قليلُ .
هذه الأبيات لأبي حيّان التوحيدي ذكرها في الإشارات الإلهية .
أبو الجوائز الحسن بن علي الواسطي .
رأيتُ هذا الفاضل بين يدي عميد الملك C بمدينة السلام ينشده قصيدة جيمية في نهاية الحُسن يجلو مِدْوس حسنها القلب عن الحزن . وهو يومئذ شيخٌ كبير الأكل الدهر عليه وشرب . ولكنّ الجماد لو غُنِّي بشعره لطَرب وفضلُه واسطةُ قِلادة واسطَ . وكان قد تجشَّم تحرير جُزءٍ لي بخطّ يمينه حسبَ ما اعتقده في شريعة الكرم ودينه مشتملٍ على فوائد من مَقولةٍ ومنقولة . ففجعني به الزمان واقتطعني عنه الحدثان وصرفُ الرزايا بالذخائر مولَع .
فمما أنشدنيه لنفسه وأثبته لي بخطّ يده وهْو أحسنُ ما سمعتُه في فنّه قوله : .
هنيئاً على رغُمي لعُودِ أراكةٍ ... تَسوكُ بها ذَلْفاءُ مبسِمَها العَذْبا .
لئن سُقيَتْ منه لقد زار ثَغرُها ... أراكاً يبيساً وانْثَى مَنْدَلاً رطْباً