أمطْنَ سُجوفاً من خُدودٍ نقيّةٍ ... صَفا بَشَرٌ منها ورقّ أديمُ .
شُفوفٌ على أجسادهن رقيقةٌ ... ودُرٌّ على َلبّاتِهنَّ نَظيم .
غَرامي جديد بالديار وأهلها ... وعَهدي بهاتِيكَ الطُّلولِ قديمُ .
وله أيضاً : .
يا ظبيةَ القاع تَرعى في خمائِله ... ليَهْنِكِ اليومَ أنّ القلبَ مَرعاكِ .
الماءُ عندكِ مبذولٌ لشاربه ... وليس يُرويك إلاّ مَدمعُ الباكي .
حكى لحاظُك ما في الريم من مُلَحٍ ... يوم اللقاء وكان الفضلُ للحاكي .
أنتِ السُّلُوُّ لقلبي والغرامُ له ... فما أمَرَّكِ في قلبي وأحلاك ! .
! .
أخوه المرتضى أبو القاسم .
علي بن الحُسين بن موسى الموسويُّ .
الملقب ب " علم الهُدى ذي المَجدين " Bهما . هو وأخوه في دَوح السيادة ثمران وفي فَلك الرياسة قمران . وأدبُ الرضي إذا قُرن بعِلم المُرتضى كان كالفِرنِد في متن الصارم المُستنضى . فمن محاسن أشعاره ومحامد آثاره قوله : .
ألا يا نسيمُ الريحَ من أرض بابلٍ ... تحمَّلْ إلى أهل الخيام سلامي .
وقلْ للحبيب : فيكَ نسيمه ... أما آنَ أنْ تستطيعَ رجْعَ كَلامي .
رضيتُ ولولا ما علمتُمْ منَ الجَوى ... لما كنتُ أرضى منكُمُ بِلِمامِ .
وإنّي لأهوى أنْ أكون بأرضكُمْ ... على أنني مِنها استفدتُ سقامي .
وقد كنتُ كالعِقد المنظّم منكُمُ فها أنا ذا سلكٌ بغير نظام .
فلا برقَ إلاّ خُلَّبُ بعدَ بينكم ... ولا عارضٌ إلاّ بياضُ جَهام .
وأنشدني الشريفُ أبو طالب الأنصاري قال : أنشدني المرتضى لنفسه : .
بجانب الكَرْخ من بغدادَ عنَّ لنا ... ظَبيٌ يُنفرُه هم وصْلنا نضفَرُ .
ذُؤابتاه نِجادا سَيف مُقلتِهِ ... وجَفنه جفنُهُ والشفرةُ الشفُرُ .
ضّفيرتاهُ على قتلي تَضافرتا ... فمن رأى شاعراً أوْدى به الشَّعر .
وكتب العميد أبو بكر القُهستاني إلى المرتضى قصيدة أولها : .
لكَ الخيرُ أبشِرْ كلّ شيءٍ له مَدى ... هو الدهرُ ليس الدهرُ خُلِّدتَ سَرْمدا .
وتقاضاه الجوابَ في آخرها بقوله : .
وما نأيُ ناءٍ عنكَ إلاّ كموته ... وهل أنا ناءٍ عنكَ مرتحلٌ غَدا .
فرأيكَ إما راثياً لي منَ النوى ... وإما لما أحْيا به متزوِّدا .
بخمسة أبيات يُرى كلُّ واحدٍ ... من الكُلّ عندي بيتَ فخرٍ مُشيّدا .
فأجاب عنه بقصيدة أولها : .
أبتْ زفَراتُ الحبّ إلاّ تصعُّداً ... ويأبى لهيبُ الوجْدِ إلاّ توقُّدا .
ولم أرَ من بعد الذين تَشرّدوا ... لأعيننا إلا رُقاداً مُشرَّدا .
تذكَّرتُ بالعورين نَجْداً ضلالةً ... ومن أين ذِكرى غائر مُنجِدا .
وقلتُ لمن يحدو المطايا يحثُّها ... على البُعد : دَعْنا في المطايا من الحِدا .
مضى البينُ عنّا بالحياة وطيبها ... فلم يبقَ بعد البينِ شيءٌ سوى الرَّدى .
فقُل للذي يَنوي الفِراقَ وعنده ... بأني مُطيقٌ للفِراق التجلُّدا : .
وَعَدتَ ببينٍ يسلُبُ العيش طيبُه ... فما كان ذاك الوعدُ إلاّ توعُّدا .
وما كان عِندي أنْ يفرَّق شملُنا ... ويبعُدَ عن داري العَميدُ تعمُّدا .
وكان الذي بيني وبينكَ كلُّه ... وداداً وفي كلّ الرجالِ تَودُّدا .
هَزَزتُكَ سيفاً ما انثنى عن ضَريبةٍ ... مَضاءً كما أنّي نقدتُكَ عَسجدا .
ومنها : .
فإن لم يكُن سِنخٌ يؤلِّف بيننا ... فقدْ ألّفتْ فينا المودّةُ مَحْتِدا .
ومن قرّبتْه دار وُدٍّ مُصحَّحٍ ... إليّ فلا كان المُقَرِّبُ مولدا .
ومنها : .
إذا ما مشى دهرٌ ليصدَعَ شَملنا ... فلا زال مَقبوضاً خُطاه مُقيَّدا