وقالوا : غداً يومُ الفراق فلا قضى ... إلهي يوماً كنتُ في كفِّه غَدا .
ومنها : .
وقد زارني منكَ الكلامُ كأنّه ... رياضٌ بأعلى الحَزنِ جادَ لها النَّدى .
وقلَّدني مَنّاً وما كنتُ قَبلَه ... وجدِّكِ مِنْ مَنِّ الرجال مُقلَّدا .
ولو أنني أنشدتُهُ نغماً به ... مع الصُّبح أطربْتُ الحَمامَ المُغرِّدا .
كأنّي لمّا أنْ كرعتُ زُلاله ... كرعْتُ زُلالاً من سحابٍ على صدى .
فخذْهُ كما شاءَ الوِدادُ وشِئتَهُ ... كلاماً على مرِّ الليالي مُخلَّدا .
ولما دَعوتَ القول مِني سَمعتَهُ ... وكان لمنْ يَبغيهَِ سراً زفَرْقَدا .
أبو الحسين مِهيار بن مَرزويه الكاتبُ .
شاعرٌ له في مناسك الفضل مشاعر وكاتب تجلّى تحت كل كلمة من كلماته كاعب وما في قصيدة من قصائده بيتٌ يتحكم عليه لو وليتُ فهي مصبوبة في قوالب القلوب وبمثلها يتذر الزمان المذنب عن الذنوب . أنشدني الشيخ أبو محمد الحمدانيّ قال : أنشدني عزُّ المعالي قال : أنشدني مهيار لنفسه : .
أَستنجدُ الصبر فيكُمْ وهْوَ مغلوبُ ... وأسأل النومَ عنكُمْ وهْوَ مَسلوبُبسيط .
وأبتغي عندكم قلباً سمحتُ به ... وكيف يُرجعُ شيءٌ وهوَ مَوْهوبُ .
رضاه أسخط أو أرضى تلوُّنه ... وكل ما يفعل المحبوبُ محبوب .
أستودع الله في أبياتكم قَمراً ... تراه بالغَيب عيني وهْوَ مَحجوبُ .
ما كنتُ أعلم ما مقدارُ وصلكُمُ ... حتى هجرْتُم وبعضُ الهجْر تأديب .
وأنشدني القاضي أبو جعفر البحّائيّ قال : أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد الواسِطيّ قال : أنشدني مهيار لنفسه : .
بالكرْخِ مُترفَةُ الخُطا ... تَهبُ الغُصونُ لها القُدودا .
أخذَ الغزال نِفارُها ... واعاضها كَفَلاً وجِيدا .
قد كان رثَّ هوايَ واب ... تسمتْ فردّته جَديدا .
من بسلعٍ مُطلعٍ لي ... قمراً طالَ مغيبُهُ .
وأصيلاً بالحِمى نُغْ ... غِص بالعاذل طيبُهْ .
كلُّ شيءٍ حَسنٍ في ال ... عَينِ فالعينُ تُصيبه .
عنَّفوا القلبَ على قا ... تله وهْو حبيبه .
وأقلُّ الناسِ ذنباً ... قادرٌ عُدَّتْ ذُنوبه .
وله في الجُلّنار : .
وجلَّنارٍ مشرفٍ ... على أعالي شَجَرهْ .
كأنّ في رؤوسه ... أحمرهُ وأصفره .
قُراضةٌ من ذهبٍ ... في خِرقةٍ مُعَصْفَرَهْ .
قلت : ووجدتُ في ديوان شعره بائيّة في نهاية الإبداع وهي : .
هل عند عينيكَ على غُرَّبِ ... غَرامةٌ للعارض الخُلَّب .
نِعمَ دموعٌ يَكتسي تُربُهُ ... منها قميصَ البلدِ المُعشبِ .
ساريةٌ تركبُ أردافَها ... مُعلَّقاتٌ بعدُ لم تَسرُبِ .
علامةً أنّيَ لن أنتكثْ ... مرائرَ العهدِ ولم أَقْضِبِ .
يا سائق الأظعان لا صاغراً ... عُجْ عَوجةً ثم استقِمْ فاذهب .
دعِ المطايا تلتفتْ إنها ... تَلوب من جَفني على مَشْرب .
لا والذي لو شاء لم أعتذِرْ ... في حُبّه من حيثُ لم أُذنبِ .
ومنها : .
ما حَدرتْ ريحُ الصَّبا بعدَهُ ... لِثامها عن نَفَسٍ طيّبِ .
يا ماطِلي بالدَّين ما ساءني ... إليكَ ترديدُ المواعيدُ بي .
إنْ كنتَ تَقضي ثم لا نلتقي ... فدُم على المَطلِ وقُلْ واكذب .
ومنها : .
سالَ دمي يومَ الحِمى من يَدٍ ... لولا دمُ العُشَّاقِ لم تُخْضَب .
قد سدَّ شَيبي ثُغري في الهوى ... فكيف قَصِّي أَثرَ المَهْرب .
أفلحَ إلا قانصٌ غادةٌ ... مدَّ بحبل الشَّعَرِ الأشيبِ .
شِياتُ أفراس الهوى كلُّها ... تُحمدُ فيهنَّ سِوى الأشهبِ .
وله من قصيدة أولها :