بَهرتَ بلاغةً سَحْبانَ قسٍّ ... وقُسَّ إيادها وأخا ثقيف .
قريضُكَ صادرٌ عن لُجِّ بحرٍ ... وما نَظَمَ الورى ضَحضاح سِيفِ .
أتتْني من نظامِكَ ذاتُ دَلٍّ ... تُميطُ وساوسَ الوَصَبِ الأسيف .
مُحبّرةً ظفرتُ بها فحلّتْ ... محلَّ اليُسرِ من نَصِبٍ مُسيف .
يقومُ لها زهيرٌ لو ألمّتْ ... بمسمعِهِ على قَدَم النَّصيف .
تَنوبُ عن المُدام إذا حَداها ... ثقيلُ الشَّدْو يُقرنُ بالخفيف .
هي الروضُ الأريضُ وكلُّ نظْمٍ ... تَعَدّاها بمنزلة العسيف .
فيا لله من نظمٍ رَصينٍ ... شريفِ اللفظِ مَطبوعٍ رصيف .
لكَ البَهِجُ القَشيبُ من المعاني ... إذا ظفِرَ الأفاضلُ بالحَشيف .
مَديحُكَ هِمَّتي لا وَصْفُ راحٍ ... تطوفُ بكأسها يُمْنى وَصيف .
ولا أرضى نظيفَ الوجه إلاّ ... بحُسنِ الفِعل والحسَبِ النظيف .
كأني في جواب سِواكَ مُضْنىً ... يُعّلُّ صَرايَةَ الشَّرْيِ النَّقيف .
أأمنحُ العقلُ ذَوبَ أفكاري جَهولاً ... بما بَيْن الصُّهالِ إلى الصَّريف .
ولولا العقلُ يشفعُه انتقادٌ ... لما عُرفَ الغناءُ من السخيف .
لقد ظفرتْ يَدايَ بخلِّ صِدقٍ ... كريمٍ منك ذي وُدٍّ ورَيف .
وأصبح مَربعي في روضِ فَضلٍ ... سَقاها نَوءُ فكركَ بل مَصيفي .
حباني إذ علقتُ به عليٌّ ... وِداداً غيرَ مُمْتَهنٍ معيفِ .
فتىً يأوي مُضافُ الخَطْبِ منه ... إلى دمِثِ النَّدى رَحْبِ المَضيف .
ويُودِعُ جَوهَرَ الآداب طِرساً ... بأرقَشَ طوعِ أُنمُلِهِ قَصيف .
يَذلُّ إذا جرى خَذِمٌ ورُمحٌ ... له ونَفاذُ مَسنونٍ نحيف .
لمِثلِ لقائه تُنضى المطايا ... وتُضْحي كالقِسيِّ منَ الزَّفيف .
ويسقُطُ من جَوانبها لُغامٌ ... لدى الإرْقالِ كالبُرْسِ النَّديف .
ويُمسي القارحُ اليَعْبوبُ نِضْواً ... لكون لحافه قَلِقَ الوظيف .
شكرتُ فعالَه ابنِ جُحرٍ ... لسلمى حين حلَّ ذُرا طريف .
فلو حالَ التباعُدُ عن دُنُوّي ... إليه وشاطِنُ المَرمى القذيف .
لجاوزتِ التنائفَ بي إليه ... نجاةُ الشَّدِّ جائلةُ السَّفيفِ .
وسرتُ إليه أقتسِرُ المَعامي ... وأركبُ كاهل السَّنَن الظليف .
أحاولُ وصلَه بسُرىً ونَصٍّ ... وأهجُر مَوقَع السَّعيِ الدَّليف .
لأنّ إخاءَه وَزَرُ المُوالي ... وفيضَ نَواله كنزُ الظليف .
فخذْها تسلُبُ الألبابَ حُسناً ... ويُسْلِمُها النَّشيدُ إلى الرَّشيف .
يَشِفُّ جمالُها سَبكاً ومعْنىً ... لِحَوزِ الحُسنِ من خَلَل النَّصيف .
يحوزُ بحفْظها جَذلاً وأمْناً ... فؤادُ الغُمْر في اللَّقَم المخيف .
أمِنتُ من الرَّدى وجُعلت ذُخري ... فَرُعتُ ذؤابةَ المجد المُنيف .
قلت عند انقضاء هذا الكلام وقد خجلتُ من مواقع هذه الأقلام : مدوّن مدح نفسه يُقريني السلام .
أخوه .
أبو الفضائل هبة الله بن عبد الله الأنصاري .
الفضائل هبة الله لأبي الفضائل هبة الله . وإذا قلت : إنه كأخيه فقد ربطتُ جمَلَ الثناء على أواخيه . أنشدني له أخوه الشريف أبو طالبٍ : .
يا إخوتي أوصيكُمُ كُلَّكمْ ... وصيّةَ الوالدِ والوالدَه .
لا تنفلوا الأقدامَ إلاّ إلى ... من لكُمُ في قَصده فائده .
إما لعِلمٍ تستفيدونَهُ ... أو لنَوالٍ أو إلى مائده .
فإنْ عدِمتُم هذه كلَّها ... فانقطِعوا عن ذاك بالواحده