إذا عَرَت مَضجعي ظمياء جائعةً ... تشرّبتْ رَوْنقي واستأكلتْ سِمَني .
ومنها : .
كالمشرفيِّ إذا أُغمدتُ في فُرُشي ... وإن نُفضتُ من الحُمّى فَكاليَزَنِي .
ولو فشا خبرٌ مما مُنيتُ به ... بأرض خَيبرَ ظلّتْ منهُ في مِحَنِ .
بِمَ التعلُّل لا أهلي لَدَيَّ ولا ... عندي نَديمي ولا كأسي ولا سَكني .
الشُّكرُ دأْبيَ لستُ والكُفرانُ لستُ لهُ ... سِيّانَ في جَذَلٍ أصبحتُ أُم حَزَنِ .
قلت : فزارني هذا الشريف عائداً وكان التقائي به سلامة سائغة الأذيال أهديت إليّ وعافيةً سائغة الزُّلال مُنَّ بها عليَّ . وبقيَ في قيد الأنعام النظامي مدة بنيسابور رافِلاً في سرابيل مِنحه ناطقاً بأغاريد مِدَحِه . يتدرّع في رياض الأماني ظلالة وينتجع لصَيدحه بِلاله . فما تماكس أن تماسكت أحواله وتلاقحت فتلاحقتْ أمواله وخرج في خدمة ركابه العالي إلى أصفهان فاستوفى بها أُكله واستغرق الرزق كله واقتطعتْه المنيّة دون الأمنية ولحق باللطيف الخبير : " وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت " . فمما مدح به الصاحب نظام الملك حرس الله نظامه وأدام أيامه قوله من قصيدة أولها : .
نوالُكَ من قَطر السحائبِ أنفعُ ... وقَدركَ من مَجرى المجرة أرفعُ .
وهمُّكَ تفريق الثراء وإنّما ... تضمُّ به شَملَ الثناء وتجمع .
يُنيلُكَ ما تَبغي من المجد نائلٌ ... عَميمٌ وقلبٌ قُلَّبُ الرأيِ أصمعُ .
لقد ضلَّ من يرجو سِواك من الورى ... كما ضلَّ بالبدر الغويُّ المقنّع .
وأسعدُ خلق الله ساعٍ مُشمّرٌ ... ركائبُه تُحْدى إليكَ وتُسرعُ .
إليكَ حثثْنا كل وَجْناءَ جَسرةٍ ... من الشام تجْتابُ الفَلاةَ وتَذْرعُ .
سَفائنُ آلِ تَكِلُّ كأنها ... إذا ألَّها الحادي النَّعامُ المفزَّع .
وكتبت إليه رحمة الله عليه قصيدة أولها : .
فرعتُ ذُؤابةَ المجدِ المنيفِ ... بما استطرفتُ من وُدّ الشريفِ .
وكان معجباً بهذا المخلى ينسبني فيه إلى الإبداع في الاختراع : .
وقلتُ وقد سمعتُ به لصَحْبي ... صِلُوا بعُرى الذَّميلِ عُرى الوَجيفِ .
فسرْنا نَنشَقُ القَيْصومَ ورداً ... ونَحْسو أكؤُسَ السير الذفيف .
وليس لنا النديمُ سوى السَّعالي ... وليس لنا الغِناء سوى العَزيفِ .
فلمّا أنْ أنختُ به رِكابي غَفرتُ جَرائر الزمن العنيف .
ولفَّ القرب بيتَيْنا جميعاً ... فنحنُ الآن من باب اللَّفيف .
ومنها : .
أقول له ولم أنفسْ بنفسي ... عليه ولا التليدِ ولا الطريفِ .
فِدىً لك ما تُزَرُّ عليه قُمْصي ... وقُمْصي لا تُزرُّ على سَخيف .
فإني منكَ في روضٍ أريضٍ ... دّللتُ به على خِصبٍ ورَيفٍ .
ومن زَهَراتِ حظّكَ في ربيعٍ ... ومن ثمرات لفظك في خَريف .
وكم عاشرتُ من عُصَبٍ ولكنْ ... تَخِذْتكَ من ألوفهُمُ أليفي .
وما أنا من رجالك في القوافي ... وأصلُ اللعْبِ عِرفانُ الحريف .
وأنتَ إذا ركبتَ الصعْبَ منها ... سبقْتَ إلى مَداكَ بلا رَديف .
ولي حَشفٌ وبي تطفيف كَيْلٍ ... وها حَشَفي معَ الكَيلِ الطفيف .
فإن تَرْدُدْ عليَّ فَرَهْبتي من ... وإنْ تُحسنُ إليَّ فرغبتي في .
فأجاب عنها بقصيدة على عدد القوافي من غير تكرار قافية أورَدتُها أنا وهي : .
رعاكَ اللهُ من يَقِظٍ أريبٍ ... يُسامقُ كلَّ مَنْقبةٍ مُطيفِ .
ومن يُنبوع علمٍ مُستَماحٍ ... غزيرِ الفَهْمِ عن يَمٍّ خسيف .
قَرنتَ الفضلَ إذ برَّزتَ فيهِ ... إلى أصْلٍ بلا وَصْمٍ شريفِ .
ومثلُكَ يا عليُّ إلى المَعالي ... تَجوزُ مُبرِّزاً أمَدَ السَّليفِ