أنشدني الشيخ أبو عامر قال : أنشدني أبو الحسين حُذيفة بن هارون الأنصاري قال : أنشدني ابن حبيب هذا لنفسه : .
شَكا إلى الله نجمٌ ... وقال : واشؤمَ بَختي ! .
مجتث .
أبليتُ بُردَ شَبابي ... فيكُمْ وضَيّعتُ وقتي .
إذْ لا أزالُ مُعنّىً ... ما بينَ مَولىً وسِتِّ .
فتلك تحلب أيْري ... وذاك يحلب في اسْتي .
قال الشيخ أبو عامر : قال حذيفة بن هارون الأنصاري : وأنشدني ابن حبيب لنفسه بأمِدَ : .
مذ غِبتَ عن عينيَّ غِبتُ ... لم أدرِ بعدكَ كيف كنتُ .
وجَرتْ دموعيَ بالذي ... أضمرْتُ فيكَ وما علمتُ .
أبو العباس الأندلسيّ .
أنشدنا له الأستاذ أبو محمد العبدُلْكانيّ بِزَوْزَنَ سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة قال : أنشدنا لنفسه من قصيدته الزائية : .
وتنافستْ فيه العيونُ لأنهُ ... شمسٌ توارى شطرُها بالأمْعَز .
كَتبَ العِذارُ على مَحاسنِ خدّه ... بدرٌ عليه علامَتا مُستوفِزِ .
قلت : ومن أظرف ما سمعت في هذا المعنى قول القاضي أبي علي الحسن بن عبد العزيز الجُرجانيّ : هو صاحب الموازنة .
قد برّح الحبُّ بمشتاقِكْ ... فأوْلِهِ أحسنَ أخلاقِكْ .
لا تجفُه وارعَ لهُ حقَّهُ ... فإنّه آخرُ عشّاقِك .
وفي قريب منه قول بعض أهل العصر يعني أبا عامر الجُرجانيّ : .
أنا والصبرُ فقد بشّرَني ... نابِتُ المِسك بصَفحاتِ العَقيق .
سَنةً أخرى وقد أخرجني ... شعرُ خَدّيكَ من العَقدِ الوثيقِ .
ابنُ هانئ المغربيّ .
أنشدني الشيخ أبو عامر الجرحانيّ C قال : أنشدني الأديب محمد بن محمد بن صِقلابَ له : .
وتحتَ حَصى الياقوتِ لَبّاتُ خائفٍ ... حبيبٍ إليه لو توسَّدَ مِعصمي .
وله أيضاً : .
علا نفرٌ ضربَ المئينَ ولم نزلْ ... بحَمدكَ مثلَ الكَسرِ يُضربُ في الكسر .
الماهر المحجوب المصريّ .
أنشدني الأديب يعقوب بن أحمد النيسابوري قال : أنشدني أبو عامر السَّنَوي قال : أنشدني هذا المحجوب لنفسه : .
طيفٌ لعَلوةَ حَيّاني فأحياني ... حَدَتْهُ رِيحانِ من وردٍ ورَيْحان .
أَلَمَّ يخرُقُ جِلبابَ الظلام وقد ... خاطتْ يدُ النوم أجفاناً بأجفان .
يلفنا بيدِ الشوق العناقُ كما ... لفّتْ يدُ الريحِ أغصاناً بأغصان .
الشريف أبو طالب محمد بن عبد الله .
الدمشقيّ الأنصاري .
ما طرأ على نيسابور من الشام في عصرنا هذا أعذب منه عَذَبَةَ لسان ولا أفصحُ منه براعةَ بيانٍ ولا أنقشُ منه يَراعةَ بَنانٍ . وقد نشر بخُراسان من نسائج خواطره ونتائج ضمائره ما يُزري بالوَشيَيْن ؛ وشْي الرُّبا ووَشيِ البُرود ويَتيهُ على الوردين ؛ وردِ الجَنى وورد الخُدود . واتّفق أني وافيتُ نيسابور مُنصرفي من البصرة وهو عليها للمُقام معرِّجٌ وفيها لأوتاد الخيام مُشجِّج . وكنتُ في عقابيل أسقامٍ استصحبتها من تلك الأهوية الوبيّة وحُميّاتٍ ألقيتْ عليها أزمّة نفسي الأبيّة وتنفستُ فيها يَهذي به المحموم أو يتعلل به المهموم بأبيات تُترجم عن أوصاف أحوالي وتشهد بصدق مقالي إذ قلت : إني كنتُ من حرارة المِزاج على المقالي وها هي : .
قُربُ السَّقامِ وبُعدُ الأهل والوطن ... هُما هُما أورثاني السقمَ في بَدَني .
حنّت هوىً لجبال الثلج راحلتي ... وما لَها ببِراقِ الشِّيحِ من عَطَنِ .
ما لي أُذيعُ فُنونَ الوجدِ مُشتكياً ... إذا اشتكتْ شَجوَها الورقاءُ في فَننِ .
بقيتُ بالبصرة الرَّعناءِ ممترياً ... دمعاً غسلتُ به عن مُقلتي وسَني .
طَوراً تَرانيَ فيها زَهَري ... من النُّحول وطوراً ذابلاً غُصُني .
لرقص بُرغوثها القَفّاز في سَلَبي ... بَدءاً وعَوْداً وزَمْرِ البقِّ في أُذُني .
ومائها المِلحِ والشمسِ التي صَهَرتْ ... رَملَ الفلا وأذابت صَخرةَ القُنَنِ .
ونَفْضِ زائرةٍ تَنْفكُّ تُنزِلني ... عن ظَهري صَبري وليسَ يَحمِلُني