دَعِ العَدُوَّ وكنْ ما عشتَ ذا حَذَرٍ ... من الصَّديقِ الذي زُورٌ تَوَدُّدُه .
وليسَ فتكةُ مَن بالذمِّ تقصِده ... كفَتكةٍ من حَميمٍ أنتَ تحمَدُه .
ولا يَغرَّنكَ ثَغْرٌ لاحَ من ضَحِكٍ ... بياضُه فبياضُ المكُرِ أسودُه .
يا آمري بجميلٍ كيفَ يُثمرُ ما ... زَرعتُ من حَسَنٍ والقُبح يحصُده .
زِدني نِفاقاً فإني زائدٌ مَلَقاً ... ومُطفيٌّ جَمرَ ما بالمَكرِ تُوقِدُه .
لولا الإمامُ أبو عثمانَ أوحدُنا ... إذ عمَّ في سائرِ العافينَ مرفَده .
ما كنتَ تعرفُ للقُصّادِ كلِّهِمِ ... مُستنجَاً أنتَ عندَ المحْلِ تَقصِده .
إذا اعتمدتَ عليهِ في مُعاونةٍ ... لدفعِ دَهرِك أصْماهُ تأيُّدُه .
أفديهِ من واعظٍ كافٍ أخي وَرَعٍ ... قد بانَ للخلقِ في الدُّنيا تزهُّده .
وكلُّ ما هُوَ يَروي فيهِ من خَبرٍ ... إلى النَّبيِّ رَسولِ اللهِ يُسنِده .
ابن أبي زرعة .
وجدت في بعض التعاليق هذه الفائية منسوبة إليه فنقلتها وهي : .
إذا عُدَّ عيشٌ ناعمٌ أو تُذُكِّرتْ ... غرائِبُ أيامِ السُّرور الطَّرائفُ .
فمن خيرٍ أيّامِ الحياةِ التي خَلَتْ ... وأطيبها يومٌ من العيشِ سالِفُ .
أصَبنا بهِ من غُرّةِ الدَّهرِ خُلسةً ... كما اعتَر من حَسناءَ غَيرانُ خائفُ .
خرجْنا وسترُ اللهِ يجمعُ بَينَنا ... وكلٌّ لكلِّ مُسعِدٌ ومُساعِف .
وقد أخذتْ زَهرُ الرياضِ حُليَّها ... وألبستِ الأرضَ الفضاءَ الزخارفُ .
لُجَينٌ وعِقيانٌ ودُرٌّ وجَوهرٌ ... تؤلِّفُه أيدي الربيعِ اللطائف .
تُهادي التِّلاعُ الجوَّ مسكاً وعَنبراً ... تُؤدِّيهِ أنفاسُ الرِّياحِ الضِّعائف .
فأهدت إلينا الأرضُ عذراءَ لم يطف ... سِوانا بِها من قبل ذلكَ طائف .
نَمَتْ في ثرىّ كالزَّعفرانِ وضَمَّها ... وَليّانِ عُلوِيّانِ ؛ ساقِ ولا حِف .
فباكرَها وجهٌ من الشمسِ طالعٌ ... وروَّقَها دمعٌ من المُزن واكف .
فتمّتْ جَمالاً واعتدالاً ونَضرةً ... ودافَ لها الكافورَ والمسكَ دائف .
ومالتْ به فيها فُروعٌ نواعمٌ ... كما هَزَّ قُضِبانَ المتونِ الروادف .
لبسنا به ظِلَّ السُّرورِ فكلُّنا ... شَروبٌ لِما تَنهاهُ عنه المصاحف .
كأنَّ أباريقَ المُدامةِ بينَنا ... من المنظرِ الأعلى ظِباءٌ رواعِفُ .
يُديرُ علينا الراحَ رطبٌ بَنانُهُ ... وصَيفٌ جفَتْ في الشكلِ عنهُ الوصائف .
فعاودَنا من راحتَيهِ وطَرفِه ... كؤوسٌ لأسبابِ القُلوبِ كواشِفُ .
ورُحنا وما ماءُ اللَّذاذةِ غائضٌ ... لديهِ ولا وجهُ المُروءَةِ كاسِفُ .
وماَلتْ فُروعُ البانِ بينَ ثِيابنا ... وجُرّتْ على وَجهِ الرِّياضِ المّطارف .
كنى في المصراع الأول عن السُّكر بكناية لم يسبق إليها .
فما مِثلُ هذا اليومِ لولا انقِضاؤهُ ... وما مِثلُنا لو أخطأتنا المَتالف .
حبيبُ بن أحمد الأندلسيُّ الأموي .
أنشدنا الأستاذ أبو محمد العبدلكاني قال : أنشدني أبو العباس الأندلسي لهذا الأموي يصف قوماً : .
فَهُم من الجِدِّ في حَضيضٍ ... وهُم من الجَدِّ في الرَّوابي .
مخلع البسيط .
وهُم إذا فُتِّشوا وعُدّوا ... أعزُّ من رَجعةِ الشبابِ .
وبهذا الإسناد أيضاً قال : أنشدني لنفسه : .
وأحمدُ ما يزوَّدُه أريبٌ ... وخُلِّد بعده الذِّكرُ الحميدُ .
وما أسدي إلى حرِّ جميلاً ... سِوى حُرِّ لهُ رأيٌ سَديدُ .
ومنها : .
وقد جَرّبتُ من أبناء دَهري ... عَجائبَ ما لغايتها حُدودُ .
تساوى الناسُ واعتدلوا جميعاً ... سواءٌ ذو السيادة والمَسود .
ابنُ حبيبٍ الأمِدي