أبو عليّ الرازيّ الأديب .
لا أعرف له خبراً أمّا الشّعر فقد بلغني له بيتان وهما : .
أيسركم أنّي هجرتكم ... ومنحت قوماً غيركم ودّي .
لسنا نديم على مودّتنا ... من لا يدوم لنا على عهد .
فصلٌ سمّيته .
خلخال الكتاب .
وقلت : قد أنضيت بدر " هذا " التأليف إلى هلاله ومضيت من تاج هذا التصّنيف إلى خلخاله وأودعته من روائع الحكم نهزاً لأولي الألباب وضمنته من بدائع " الكلم نزهاً للأرباب " وأخذت فيه ولمسك الشبّاب لطخةٌ في الوفرات . وفرغت منه ولكافور المشيب لطمةٌ على القسمات . وما زلت أفحص عن مصاصها وخلاصها الأحياء والقبائل وأعدّ لافتراصها واقتناصها الأشراك والحبائل . حتّى وقع في أناملي غنمها ولجّج في حبائلي عصمها . و " حتّى " حصل صيدٌ نحجل زبدٌ وأورق أملٌ فأثمر عمل .
وتوافدت إلى منزلي أوابده ثمّ " تفرّقت على الغور والنّجد طرائفها " وتواردت على مناهلي شوارده . ثمّ علقت في كعبة المجد صحائفها وخدمت بها المجلس العالي النّظامي القوامي الرّضويّ جالياً عليه حرّة كريمة وجالباً إليه درّة يتيمة . فإن ألحفت الكريمة في سؤالها للمهر فقد قال " جلّ ثناؤه " : " وأمّا السائل فلا تنهر " وإن استعفت اليتيمة عن ابتذالها بالقهر فقد قال تقدّست أسماؤه : " فأما اليتيم فلا تقهر " .
وبعد فلو هبّ على هذه الخدمة من تلقاء الرأي العالي زاده الله علواً رخاء الإقبال عاش العبد في رخاء البال وجرّ على المجرة ذيل الكبر وصاغ عتبة بابه من التّبر . وإن محيت محو الرّيح للسّحب وطويت طيّ السّجلّ للكتب وصدّت عن جهتها وردّت في جبهتها خاب العبد وبدا له من الخيبة ما لم يبد ولم يجد إلاّ لحم بنانه مأكلاً ولم يرد إلاّ دمع أجفانه منهلاً . فلا زالت الأجمال رائمةً طريق ذاك الحرم الآمن " من " طروق النّوائب والآمال شائمةً بروق ذاك الكرم الضّامن لبلوغ المآرب ووفقّ الله معاشر العبيد لأثنيةٍ فائحةٍ مستطابةٍ يبدونها وأدعيةٍ صالحةٍ مستجابةٍ يخفونها فهو وليّ التّوفيق للخدمة وأهل الحراسة والعصمة من كفران النّعمة وهو حسب عباده ونعم الوكيل .
وهذا آخر الكتاب : كتبه أبو بكر محمد بن محمد بن خلف بن عليّ بن عبد العزيز تذكرة للشيخ الإمام الأجلّ الأوحد الأعزّ الأجود المقبل العالم المحترم فجر الدين شمس الإسلام شرف النّحاة والأدباء اختيار الأئمة زين العلماء أبي بكر محمد بن الطيّب بن عبد الله بن عيسى الكرجي . متعه الله بالعلم ووفّقه للعمل الصالح وحصّل أمانيه في الدّارين إنّه سميعٌ مجيبٌ . في شهر الله الحرام محرّم سنة اثنتين وسبعين وخمسمائةٍ حامداً لربّه ومصلّياً على نبيّه محمدٍ وآله وأصحابه أجمعين .
فصل .
قلت : لمّا أطلعت هذه الدّمية رأسها من شرفة قصرها انثال عليها بنثار الثنّاء فضلاء عمرها فشبهها قومٌ بالعروس وآخرون بالطاووس . وكنت أنفقت الدرّ والذهب على تاج العروس وخلخالها وحسنها في التّرصيع والتّذهيب فلم أرد أن أقصّر في خلط أصباغ الطاووس وجماله في التجنيح والتّذنيب لتتبرّج العروس في أبهى حليها " ومنها " الدرّ والذّهب ويتزين الطاووس في أحسن طرفيه والمراد في الذّنب وهاك تذنيبه بارك الله لك فيه . وقد أعرته من التزيين والتّحسين والتّحضير والتّلسين ما يكفيه .
قال " الشيخ " الأديب البارع الزّوزنيّ وله صدر هذا الباب لأنه سبق أقرانه إلى تمهيد هذه الأسباب . ولولا أني أحذر المروق من قضيّة " هذا " التأليف لشغلت بذكره وهي النّصفة نصفاً من هذا التصنيف : .
دمين خدود الغانيات بخجلةٍ ... لأنّ عليّاً قد جلا دمية القصر .
أدام لنا في دمية القصر بهجةٌ ... بناها بعقلٍ مثل سارية القطر .
لقد صاغها باسم الوزير الرّضي الذي ... أفاعيله نقشٌ على جبهة العصر .
شجاع إذا ما سلّ نصلاً فحوكه ... من الحول والتأييد نصّ من النّصر .
لخدمته قد أنشئ الخصر صالحاً ... لمنطقةٍ فانظر إلى هيف الخصر .
فأتممه إن رمت الوزير ووصفه ... في الخصر الإتمام أولى من القصر