وأنشدني له أيضاً : .
لا يشمتن بنا قوم وقد وهموا ... أو أخطأوا الظن جهلاً أنهم سلموا .
إن الرزية بالأموال هينة ... إذا نجا سالمين العرض والحرم .
ولست آسى على مال فجعت به ... وهل يمس الحيا في فيضه ألم .
ولست أنزل للأيام عن شرف ... ما دام تحت بناني في الورى قلم .
وأنشدني له : .
بلغت جميع آمالي فكادت ... تزول الأرض لو أن قلت زولي .
وجالست الملوك على سواء ... ولو زاحمتهم لتحفزوا لي .
وكنت مع الخداع أطير زهواً ... إلى أن حان لي حين النزول .
فلما أن نزلت نزلت جداً ... وهل بعد النزول سوى النزول .
وأنشدني له الشيخ ناصر بن جعفر البوشنجي : .
سننضي الخيل في طلب المعالي ... ولا نرضى المكارم بالمعاش .
ونضرب في بلاد الله حتى ... نرى أيامنا خضر الحواشي .
الرئيس أبو القاسم عبد الحميد بن يحيى .
كانت زوزن أيام حياته خضرةً تكتسي منها معايش الفضاء خضرة فيضربون إليها أكباد الإبل من كل طريق ويقصدونها من كل فج عميق . ولم يكد يخلو مجلسه من مجتمع لأهل الفضل ينظمهم هنالك في سلك ويحكمهم من جاهه وماله في ما يقترحون من ملك وملك . وكان من سعة العطن بحيث يناخ إليه الأمل ويضرب بسماحه المثل . وكان الغالب على فضله الترسل . أما الشعر فقد يجود به طبعه . أنشدني في مجلس أنسه لنفسه يهجو الهاني ويحذر شمس الكفاة خفة يده على الولاة بشؤم ثقيل الوطأة : .
ألا أبلغا شمس الكفاة وما أنا ... بمتهم في وده بملوم .
نصحتك نصحاً لو تبينت رشده ... لأيقنت أني صادق وعليم .
فلا تقرب الهاني إليك فإنه ... زنيم وزنديق ونجل زنيم .
فما دار في دار ولا حل حلةً ... فأبقى بها يوماً مدار نعيم .
لقد صانك الرحمن من حيث دينه ... فصن منه نفساً إنه لمشوم .
وأنشدني أيضاً لنفسه : .
وإني معروض عمن قلاني ... وعمن عند مولانا هجاني .
ويعرفني كرام الناس طراً ... وكل في المكارم قد بلاني .
فما يبقى سوى بذل العطايا ... وفل معاند أو فك عان .
وإني لا أزال أخا حروب ... إذا لم أجن كنت مجن جان .
القاضي أبو علي الحسن بن أحمد .
كتب في ديوان القضاء للقاضي ابن محمد الناصحي أنار الله برهانه . بخط كأنه سمط اللآلي يكتسيه لفظ تشرق به الليالي . وكان بينه وبين والدي رحمهما الله مفاوضة هي المفاوحة بين البرد والتفاح ومؤاخاة هي المصافاة بين الماء والراح .
حدثني الأديب أبو جعفر المختار الزوزني قال : حدثني هذا القاضي فقال : كانت بيني وبين العميد أبي سهل قرابة الرحم وصحبة الكتاب ومناسبة الآداب . فارتفع شأنه حتى تصدر في ديوان رسالة الأمير مسعود بن مسعود . وكان يجتذبني إلى ديوانه ويهيب بي إلى الانتظام معه في خدمة سلطانه . فلم أوثر على صحبة قاضي القضاة أبي محمد صحبة غيره ولا مالت بي الرغبة عن شق القلم إلى سواه فظل يعدني بتفويض الأعمال الحكمية لي على أمهات البلدان ثم إنها استقرت الولاية في يديه وصارت مصادر الأمور عنه ومواردها عليه كتبت إليه بهذين البيتين أهزه على إنجاز ما وعد وهي : .
ملكت مملكة الدنيا بأجمعها ... وقد تأتى زمان مسعد فأتى .
فالآن إن لم أنل ما كنت أطلبه ... في ظل جاهك من نيل المنى فمتى .
قال : وعمل القاضي منصور الهروي بيتين ارتضاهما الفضلاء وهما : .
كفى حزناً أن زارني من أحبه ... فأعرضت عنه لا ملالاً ولا بغضا .
ولكن نهتني عنه نفس أبية ... إذا لم تجد كل المنى ردت البغضا .
قال : فناقضته بقولي : .
ولو كنت في دعوى المحبة صادقاً ... غنمت قليلاً والمحب به يرضى .
ولم يتأت التيه والحب لامرئ ... ومن يبتغي كل المنى حرم البعضا .
ومن مقطعاته الحسنة قوله : .
طويت بساط الشعر مني تعمدا ... إذ الشعر أضحى بالدناءة يلصق