قلت : وكان C بذيء اللسان يضرط الأعيار ولا تفارق مكواته النار : .
وما كان بهلول على الشتم والخنا ... وقذف النساء المحصنات بغيضا .
فمن أهاجيه التي يحلو عند مرارته العلقم ويهلك بنفثه الأرقم قوله في الشيخ أبي سعد الكنجروذي : .
قل لبغا كنجروذ أبي سعد ... ومن قد تناجلته بغايا .
يا بغيضاً على اختلاف الليالي ... يا دعياً على اتفاق البرايا .
إخس كلباً فما لشتمك إلا ... حجر يترك الرمايا شظايا .
ونعال تكسو الأخادع ثوباً ... من سواد يريك حمر المنايا .
وله فيه أيضاً : .
الكنجروذي في العلوم له ... برق كذوب وماله صيب .
فيه على نكره مطايبة ... مثل خرا النيك منتن طيب .
وله في غيره : .
له شرج كالدرب ما فيه مسكن ... مباح لمن يأتيه والكيس مشرج .
وإحسانه إن زل من لؤم كفه ... فرادى مع التنغيص والصفع مزوج .
وله أيضاً : .
يغار على العورات فهو يكنها ... كراهيةً من أن يراها بطرفه .
رأى من حمار سوءة الفيل فانكفا ... إليها وواراها بسوءة خلفه .
وله من قصيدة : .
يعطي القليل المزدرى عابساً ... كأنما ينتف من إبطه .
وقد ينيل النزر مستكرهاً ... على الأحايين وفي غلطه .
الشيخ أبو جعفر بن خالد .
حكى لي ابنه الشيخ أبو الأزهر قال : كتب والدي كتاباً وصف فيه رمداً أصابه فقال في بعض فحوله : أنا منذ أيام ما خطوت بقدمي ولا خططت بقلمي . قال : ولم أرو من شعره إلا قوله : .
أصبحت أمشي في غمار الوحل ... لولا عصاي لعصاني رجلي .
وبلغني أن كثير بن أحمد قال يوماً لابنه خالد : " أتلوت قول الله تعالى : خالداً في النار قال : نعم وقوله أيضاً : لا خير في كثير .
ابنه .
الشيخ أبو الأزهر .
رئيس زوزن وابن رئيسها والفائز من أعلاق الأدب بنفيسها . رأيته بزوزن وقد قلعت الأيام أوتاد فيه وأنشب طول السن سنه فيه . وظرفه إذا اختلط بالمعاشرين أفتى من ظرف أبناء العشرين . فمما أنشدني لنفسه قوله : .
وحياة أحمد ما رأيت كأحمد ... في لطف منعطف وحسن تأود .
يمشي كخوط البان يطلع فوقه ... شمس الضحى في جنح ليل أسود .
أبداً يصيد قلوبنا وعقولنا ... منه بحسن مقبل ومقلد .
يهوي التصيد بالبزاة فلا يصد ... حتى تعلم منه حسن تصيد .
لا تسقني كأس المدام وسقني ... من خمر عينيك في مزاج الإثمد .
كتب الهوى بمداد شعر عذاره ... للعاشقين سجل عشق سرمدي .
وأنشدني أيضاً لنفسه : .
ظنوني بعلام الغيوب جميلة ... وصدري رحيب والرجاء فسيح .
وإن رجائي حين تدنو منيتي ... لسان بتوحيد الإله فصيح .
الأديب أبو جعفر محمد بن عبد الله .
صائن زاهد لم يكن يحب الحياة لنفسه إلا ليشتد على العبادة ويتقوى . ولا يتزود في معاشه لمعاده إلا خير الزاد عنيت به التقوى . ولا أشك إلا أنه ممن " أتى الله بقلب سليم " . وهذا وصف بالبراعة بليغ وليس بالسليم الذي معناه لديغ . وأنشدني لنفسه في مرثية الأديب أبي بكر اليوسفي الزوزني C : .
ولما قضى نحبه بغتةً ... أخونا أبو بكر اليوسفي .
بكيت عليه وقد فاتني ... بكاء الكظيم على يوسف .
العميد أبو سهل محمد بن الحسن .
كان يقال : من أراد أن يرى البادية مزروراً عليها قمص فلير ذلك الشخص . وكان جامعاً بين أدبي بنانه وبيانه مقرباً من سرير سلطانه ممكناً من صدر ديوانه . ولم يكن يعوذ كماله إلا شراسة في شمائله مع تجعد في أنامله وتنغص الفضلاء بطيب مجلسه لزهو يرقص على طرف معطسه . فمما أنشدني له الرئيس أبو القاسم عبد الحميد بن يحيى قوله من تشبيب قصيدة : .
يا دهرنا أينا أشجى لبينهم ... أأنت أم أنا أم ريا أم الدار .
يا ليت شعري ما ألوى بخدمتها ... هوج الرياح وصوب الغيث مدرار .
أم صوب دمعي وأنفاسي فهن لها ... بعد الأحبة رواح وأمطار