كلبٌ عوى بمعرةِ النّعمان ... لمّا خلا عن ربقةِ الإيمان .
أمعرةَ النّعمانِ ما أنجبتِ إذ ... خَرَّجتِ منكِ معرَّةَ العُميان .
ورأيت ديوان شعره الذي سماه سقط الزائد وهتف فيه كالحمام على فنن غض النبات من الرَّند . ولم يتفق أن ألتقط منه ما يصلح لكتابي هذا فرجعت إلى تعليقاتي وعثرت بما أنشدنيه الأستاذ شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني Bه قال : أنشدني لنفسه بمعرة النعمان وهو مما ينخرط في كتابه الذي سماه لزوم مالا يلزم : .
محمودٌ اللهُ والمسعودُ خائفُه ... فعدِّ عن ذكرِ محمودٍ ومَسعودٍ .
مَلكانِ لو أنني خُيّرتُ ملكَهُما ... وعودَ صَلبٍ أشارَ العقلُ بالعود .
عُودي يخافُ من الإحراقِ صاحبُه ... إن قالَ ربِّي لأجسامِ البِلى : عُودي .
وأنشدني له أيضاً : .
وما ازدحمتْ عيرٌ على ورِدِ مَنهلٍ ... دنا خِمُسها يرعى نجيلَ الحَمضِ .
تَزاحُمَ دَمعي في الجفونِ وقد غدتْ ... ركاِئبُهم بينَ العريقينِ والعُرْض .
ولا أمَّ خِشقفٍ أقبلت بعدِ فِيقَةٍ ... لِتَمنحَهُ من دَرِّها صفوةَ المحضِ .
ولا أمَّ بكرٍ ساقَ عنها حُوارها ... ظلومُ سُعاةٍ في الزكاة من الفَرُض .
تصادفتِ السِّيدانُ حولَ إهابِه ... يَهُزُ من التَّسغابِ بعضٌ على بَعض .
بأوجعَ مني يومَ قالَ رسوُلهم : ... أمستوطِنٌ بعدَ على الظَّعائنِ أم تَمضي .
وأنشدني له الشيخ أبو محمد الحمداني : .
حيِّ من أجلِ أهلِهِنَّ الدِّيارا ... وابكِ هِنداً لا النُّؤيَ والأحجارا .
هيَ قالتْ وقد رأتْ شيبَ رأسي ... وأرادتْ تَنُكُّراً وازوِرارا : .
أنا بدرٌ وقد بَدا الصُّبحُ في رأسِكَ والصبحُ يطردُ الأقمارا .
لستِ بدراَ وإنما أنتِ شمسٌ ... لا تُرى في الدُّجى وتَبدو نَهارا .
وله في وصف الشمعة : .
وصفراءَ مثلي في هواها جَليدةٌ ... على نُوَبِ الأيام والعيشَةِ الضَّنكِ .
تُريكَ ابتساماً دائماً وتهلُّلاً ... وصَبراً على ما نابَها وهيَ في الهُلك .
فلو نَطقتْ يَوماً لقالتْ : أظنُّكُم ... تَخالونَ أنِّي من حِذارِ الرَّدى أبكي .
فلا تَحسبوا دَمعي لوجدٍ وجدتُه ... وقد تدمعُ الأجفانُ من كَثرةِ الضِّحك .
وله من قصيدة أولها : .
يا ساهِرَ البَرقِ أيقِظ راقدَ السَمَرِ ... لعلَّ بالجِزعِ أعواناً على السَّهرِ .
وإن بخِلتَ على الأحياءِ كلِّهِمُ ... فاسقِ المَواطِرَ حَيّاً من بني مَطَر .
ويا أسيرةَ حِجلَيْها أرى سَفَهاً ... حَملَ الحُليِّ بمن أعيا عَنِ النَّظر .
ما سِرتُ إلا وطيفٌ منكِ يَتْبعُني ... سُرى أمامي وتأويباً على أثَري .
لو حَطَّ رْحلي فوقَ النَّجمِ رافِعُهُ ... ألفَيتُ ثمَّ خيالاً منكِ مُنتَظِري .
يودُّ أن ظلامَ الليلِ دامَ لهُ ... وزيدَ فيه سوادُ الشَّعرِ والبصرِ .
ومنها : .
لو اختَصرتُمْ من الإحسانِ زًرتُكمُ ... والعَذبُ يُهجَرُ للإفراطِ في الخصَرِ .
والحُسنُ يَظهرُ في شَيئينِ رَونقُهُ ؛ بيتٍ من الشِّعرِ أو بيتٍ منَ الشَّعَرِ .
والخِلُّ كالماءِ يُبدي لي ضَمائِرَهُ ... معَ الصَّفاءِ ويُخفيها مع الكَدَر .
فلا يغُرَّمكَ بِشرٌ مِن سِواهُ بَدا ... ولو أنارَ فكَمْ نَورٍ بلا ثَمَرِ .
ومنها : .
ماجتْ نُميرٌ فهاجت منكَ ذا لِبدٍ ... والليثُ أفتَكُ أفعالاً من النَّمِر .
هَمَّوا وأمُّوا فلما شارَفوا وَقَفوا ... كوِقْفةِ العِيرِ بَينَ الوِردِ والصَّدَرِ .
وأضعَفَ الرُّعبُ أيديهم فَطعنُهُم ... بالسَّمهريةِ دونَ الوخزِ بالإبَرِ .
تُلقي الغَواني حَفيظَ الدرِّ من جَزعٍ ... عنها وتُلقي الرجالُ السَّردَ من خَوَر