قلت : وقد فرغت من طبقات باخرز وعلقت على فرسي اللجام أنحو جام فإن قال معترض : جيم جام زاي قلت : عقدت عليه الحزام أقصد ناحية زام والكلام لدي والزمام بيدي . وإذا أخذ المهرقات من شعوذ استسهل المأخذ . فطوراً يضاعف بها أسنانه ومرة يطوي عليها بنانه وتارة ينشز عنها أجفانه وكرة يخفيها في الغيب وأخرى يطلعها من الجيب وسمعت المشعوذين ببغداد يقولون : ريح لكنه مليح . ثم أرجع إلى حديث السدى فأقول : قد فحصت عن رجال زام فلم أجد فيهم غير أبي العباس البوزجاني وأبي جعفر الأندادي وعبد الملك بن محمد الذريسكي . وجاوزتها إلى اسفند فلم تبلل يدي ولم تند كما كنت قبل انفتالي إلى ناحية خواف وضعت بالرخ الرخ وأردت أن أستف عن عظمها المخ . فلم يمخ العظم ولم ينق ولم يذربها الدهر سؤراً ولم يبق . وتأملت قري المحول وأجلت النظر في الآخر والأول فلم أنتفع منها بمقيم ولا طار . وإذا مكان الهلال من ذلك الأفق عار وأما زاوة فقد ظلمتها حين سلبتها جماله كسبية الأعشى وقد سلبها جريالها أعني نقل محاسن الشيخ أبي الحسين علي بن أحمد الزاوي إلى نيسابور من زاوة وذلك ذنب ليتني كنت منه فالح بن حلاوة فإن لنيسابور تسعاً وتسعين نعجاً ومن أشد الظلم أن أسلك إلى النعجة الفردة بزاوة نهجاً وأنا وإن رتبته في معانه فقد نسبته إلى مكانه . وإذا وصلت إلى زوزن ووردتها كما ورد موسى ماء مدين ووجدت في حلبات آدابها جماعة الفضلاء يتراهنون ويستبقون كما وجد موسى على ماء مدين أمة من الناس يستقون تداركت ثم بكثرة تلك الأمداد قلة هذه الأعداد إن شاء الله D وأخر الأجل .
أبو العباس البوزجاني .
أنشدني القاضي أبو جعفر البحاثي قال : أنشدني الأستاذ أبو محمد العبد لكاني قال أنشدني البوزجاني لنفسه : .
إن كنت تزعم أن ذلك باق ... فلقد غويت غواية العشاق .
تباً لنا إن قيل أنت فقيهنا ... وزعيمنا ومكاتب الرستاق .
أبو جعفر الأنداذي .
أنداذ قرية من زام وقد نطق كتاب " يتيمة الدهر " بذكر هذا الفاضل وشعره وهو أمثل أهل ناحيته في صفته . وكانت له طريقة في الشعر تفرد بها ولم يلحق غيره فيها شوطه وإن قنع الفرس سوطه في طلبها . وهي قصائده . التي صاغها بالعربية وترجمها بالفارسية مصبوبةً في قالبها محذوةً على مثالها منسوجة على منوالها موزونةً بكفتها منعلةً بقافيتها . مثل قوله : .
عذيري من قدك الخيزران ... ومن وردتي خدك الأرجوان .
فغان زان دو رخ جون كل ارغواني ... وزان رسيد قامت خيزران .
وأنشدني له بعض أهل ناحيته والعهدة عليه : .
عليك بإخوانك الأولين ... إذا كنت في حاجة مستغيثا .
فقد قيل في مثل : لن يعود ... عدو قديم صديقاً حديثا .
وقوله : .
ألما ببدر الدجى فانظرا ... إلى صورة صورت للورى .
يكى بر امد ماه بنكرا ... بروى نكارين او بنكرا .
الفقيه عبد الملك بن محمد .
قيم مدرسة زريسك وهي قرية من زام . وهو صديقي الصدوق وشقيقي الشقيق . وقد جربته فوجدته من عباد الله الصالحين ومن أوليائه المقربين . وهو إمام المذهب وبه يقتدون ونجم الغيهب وبالنجم هم يهتدون . وله وعظ يرقق القلوب القواسي ويلين الصخور الرواسي ويلهب الوجد الخامد ويذيب الدمع الجامد . ولا تزال كتبه ورقاعه ترد علي فأرتع في آثار بنانه وأرخي طول الألحاظ في أزهار حنانه وأشتفي من علة كبدي بنسيم جواره وأطفئ به ما أواري من لفح الشوق وأواره وله أشعار كثيرة مشتملة على المواعظ والحكم وإن كان مثله لا يتمسك بمثل هذه العصم . فمما بلغني من نتاج خواطره قوله : .
طلق الدنيا ثلاثاً ... إنما الدنيا دنية .
لا تكن ممن يرجي ... عيشةً فيها هنية .
إنها إن طاب ... عيش كدرته بالمنية .
شعراء زوزن