محمد بن أبي نصر بن عبد الله .
قريبي في الأنساب وقريني على الشراب وأميني من حيث الاعتماد ويميني من حيث الاعتضاد ونازل مني محل الأغر من الأولاد الذين هم أفلاذ الأكباد وناطق باللسانين وحائز خصل الرهانين فمما اتفق لي في وصف منادمته وحسن مواضعته قولي : .
فدتك النفس يا قمري وشمسي ... ويومي في ودادك مثل أمسي .
طلعت فكدت أصبح من تلالي ... جبينك لي فقال الصدغ : أمس .
تعالي واملأي سني صباحاً ... بضرة وجهك الوردي بخمس .
على وجه الذي أجنى بناني ... ثماراً للمكارم وهو غرسي .
فإن ساءلتني من ذاك أنشد ... وذاك محمد تفديه نفسي .
ودارت في المجلس كأس متلاطمة الأمواج مائية الجوهر نارية المزاج . فتبادرتها جماعة الشراب وجعلوا نعالهم أقراط الأنامل بداراً إلى الباب . ومد هو إليها راحته وقرع بها جبهته وعمر بطول مقامه في المجلس جنته . فقلت : .
يا حبذا الكأس لا يسطيع حاملها ... يمشي ولا أشجع الشراب يقربها .
كأنها الشمس إلا مطلعها ... أيدي السقاة ولكن عز مغربها .
يفر منها الندامى مرحباً بهم ... وليس يعرف ذا أم ذاك يضربها .
لا تهربوا والزموا يا قوم مجلسكم ... محمد بن أبي نصر سيشربها .
كأساً كقلبي من حبيه مترعة ... واملأ الكأس إن أنصفت أطربها .
وله رباعيات بالفارسية رقيقة واختراعات فيها دقيقة أما العربية فقلما يظهرها علي وينشدها بين يدي . إلا أني رأيت في بعض مسوداته قوله : .
وفتاة ألبستها من شبابي ... ملبساً فيه نزهة ونعيم .
فإذا شبت وانحنى ظهر أيري ... وانحناء الأيور خطب عظيم .
غدرت بي وغادرتني وحيداً ... إن ربي بكيدهن عليم .
وقوله : .
تقطع قلبي خشية من فراقكم ... وعاد سروري من رحيلكم وجدا .
وسال دموع العين قبل سراكم ... فكيف إذا سار المطي بكم وخدا .
وله يهجو : .
حوى الفضل يعقوب بن أحمد جاهدا ... وقد زاد حتى عاد بالعكس جاهلا .
ألا فاعجبوا من فاضل صار فضله ... فضولاً وسحبان تحول باقلا .
وله أيضاً : .
ثلاثة ليس لها رابع ... عندي إذا رمت تباشيري .
راح كما أرضى وروح كما ... أهوى وريح في المزامير .
وله : .
هواي في صهباء يسعى بها ... ساق بما أهوى ملي مليح .
وإن تقل منهن أو منهم ... أقل وأغنيك صبي صبيح .
شعراء جام