من أقارب الحاكم أبي يعلى محمد بن عون وأبو الحاكم أبو علي الفضل كان خطيب جامع بيرق . وهو من لا يخفى طول باعه في فنون الفضل وأنواعه . أنشدني لنفسه : .
لم أدر ما سبق القضا ... ء به لنفسي قبل كوني .
والذنب أضعف منتي ... يا رب كن عوناً لعوني .
الفقيه محمد بن يحيى التيرشاذي .
أنشدني له الفقيه ابنه أحمد قوله في شكاية الدهر : .
تغيرت لي يا دهر لكن وجدتني ... فتى لم تغيره بفقر ولا غنى .
ولا يتلقى من عطائك مقبلاً ... كما لم يشيع من نوالك ظاعنا .
وأنشدني له أيضاً : .
وشعرة سرقت من طرته ... تدورت فوق بناني حلقا .
كعاشقين اصطلحا من بعدما ... ضر التجني بهما فاعتنقا .
ابنه الحاكم أحمد .
متنوع في العلوم متصرف في الفقه والوعظ والطب والنجوم . إذا أفتى حل عقد المشكلات وإذا وعظ شرح قلوب العصاة وإذا عالج سد طريق الممات وإذا نجم نم على أسرار السموات . كتب للشيخ العقيلي بخط كما تشتهيه العيون ونصح كما تقتضيه الظنون وشعر بارع وترسل رائع أنشدني لنفسه : .
ألا إنما الدنيا متاع فخلها ... فإن المنايا للآماني بمرصد .
فحتى متى ترجو المنى وهي ضلة ... وحتى متى تخشى الردى وكأن قد .
لك الخير فاسمع إنني لك ناصح ... مضى أمس فاسع اليوم ينفعك في غد .
وله في نزول الآجال قبل حصول الآمال : .
أليس عجيباً أن ترى كل عاقل ... له أمل والموت قبل حصوله .
فهل تارك دنياه قبل زوالها ... وهل عامر للقبر قبل نزوله .
وله في بستان للقاضي أبي القاسم الداودي رحمة الله عليه بهراة وفيه بركة جارية : .
يا بركة كادت تفاخر أهلها ... بسيولها وبمدها وبجزرها .
كفي فإنك لو رأيت مكانه ... ما كنت إلا قطرة من بحرها .
وله أيضاً : .
أأحبابنا قد فرق البين بيننا ... فما منكم بد ولا عنكم صبر .
ويوم وقفنا للوداع كأننا ... وقوف على جمر وإن لم يكن جمر .
أضاءت لنا من جانب الخدر غادة ... تمنيت لو أن الفؤاد لها خدر .
ومنها : .
ووردية الخدين غصنية الحشا ... إذا ما تجلى وجهها أظلم الشعر .
فلو كان ذا صبحاً لما طلع الدجى ... ولو كان ذا ليلاً لما سطع الفجر .
اشارت إلينا بالسلام فودعت ... ولا سر إلا وهو عند النوى جهر .
وصدت وصكت نحرها بسوارها ... فكان لها في كل جارحة نحر .
عزيز علينا أن نرى كل ليلة ... لصرف خطوب الدهر بي وبكم غدر .
وقد طالما عشنا بخير وغبطة ... يؤلفنا جحر وينظمنا وكر .
أبو عبد الله محمد بن سعيد البردسيري .
قارع باب العفاف قانع من دنياه بالكفاف خالص النحيلة إذا وعظ ماطر المخيلة إذا أومض وله شعر الزهاد المتقين في بلاغة الأدباء المتقنين . فمما أنشدني لنفسه قوله : .
قلت للشيب حين لاح ألا ابعد ... قال : بعدي لحين نفسك حين .
قلت : عاجلتني لماذا أجبني ... قال : إني أنا النذير المبين .
وقوله : .
إن قدموا الجاهلين بالنسب ... وأخروا العالمين بالأدب .
فقل هو الله وصف خالقنا ... من بعد تبت يدا أبي لهب .
وقوله : .
لم ينفع الجاهلين موعظتي ... ما ضرني جهلهم فيعديني .
لما أضاعوا نصيحتي وأبوا ... قلت : لكم دينكم ولي ديني .
أخوه الفقيه .
أبو إسحق إبراهيم بن سعيد .
له حظ من الوعظ سني وشعر فائز القدح سري . أنشدني لنفسه : .
خالل إذا خاللت خلاً خيراً ... وبه تمسك تقتبس من خيره .
واهجر أناساً مهجرين أولي الخنا ... فالهجر سامعه درية ضيره .
وإذا رأيتهم فأغرض عنهم ... حتى يخوضوا في حديث غيره .
وأنشدني أيضاً لنفسه : .
سماع العلم من غير الطبيعة ... سراب غر راجه بقيعه .
وهل تجدي السيوف على بنيها ... إذا ما خانها الأيدي المطيعه