إني إذا أصبحت في بلد العدا ... فالنبل مشطي والظبى مرآتي .
إني إذ ركب الرجال رأيتني ... أغشى الحتوف وكل آت آتي .
أخوه أبو العباس محمد بن إبراهيم الكاتب .
شبيه أخيه في تحري الفضل وتوخيه وكتب إلى الشيخ أبي الحسن العقيلي بخط كما تشتهيه العيون ونصح كما تقتضيه الظنون وفنون من الآداب تقمر بها الدآدي الجون وله ظرف ناصع وشعر بارع وترسل رائع فمما أختار من شعره قوله في دار بناها الشيخ أبو القاسم بن كثير ببلخ مطلعها : .
أهلاً بدار أبان بانيها ... دلائل المجد في مغانيها .
فأصبحت خطبة مصنفةً ... تزين ألفاظها معانيها .
دار حكت صدر ربها سعة ... تسافر العين في نواحيها .
فيحاء ذات العماد ضرتها ... حسناء كرخ العراق ثانيها .
فصرح هامان لا يعارضها ... وقصر غمدان لا يساويها .
ومنها : .
وبيت ماء كأن قبته ... تسامر النجم أو تساميها .
ومنها : .
يفيض في نهره اللجين وإن ... خر خرير المياه تمويها .
تسمع فيه حفيف أجنحة الط ... طير إذا رفرفت خوافيها .
لا بل قصيف الرياح في حلل السحاب منحلةً عزاليها .
ومنها : .
وأم نار جحيمها أبداً ... مجاور للجحيم يصليها .
ومنها : .
لها صفات اللظى وداخلها ... في جنة جمة ملاهيها .
بحارها كالبخور ممتزجاً ... بماء ورد لمن يوافيها .
كأنها غادة مفتقة ... معتادة نعمةً وترفيها .
ميزابها بالغناء مطربها ... دولابها بالأناء ساقيها .
وروضة تستعير بهجتها ... من حسن أخلاقه فتبديها .
كأن اشجارها مكارمه ... تؤتي ثمار النهى وتجنيها .
وبركة وسطها مباركة ... ينتظم الموج في حواشيها .
كأن أفواهها إذا انفجرت ... أراقم الرمل تلتوي فيها .
كأنما فضضت جداولها ... أو ملئت زئبقاً سواقيها .
كأنها تقتدي بصاحبها ... إذا جرى الماء في مجاريها .
ملقى عصي العفاة عرصتها ... موسم سوق الكفاة ناديها .
فاشرب إذا شئت متى ... شئت وما شئت في مغانيها .
واغن طويلاً بها وعش أبداً ... لها وكن ربها ودم فيها .
وله في الشيخ أبي القاسم بن كثير يهنئه بالابلال من علة عرضت له : .
كشف الإله ظلام ذاك العارض ... عن مهجة الشيخ العميد العارض .
وأماط عن حوبائه برحاءه ... فانجاب عارضه انجياب العارض .
حرس الإله بهاء شيبته فما ... أبهى وأنور شيب ذاك العارض .
ومن ملح أهاجيه قوله : .
أيهذا الأدب المجفو ما أقفر دارك ! .
ليت لي عوناً على الأيام كي أدرك ثارك .
لم تزل زوزن مأوى الفضل والمغنى المبارك .
خري الدهر عليها ... بالحسين بن عيارك .
الحاكم أبو يعلى محمود بن عون .
كاتب الناحية وأوحدها في زمانه متكفل بمصالحها الداخلة تحت ضمانه . وقد رأيته فرأيت شيخاً موقراً يرتدي من قضاة عصره جاهاً موقراً . فأما الأدب والشعر فإنه متطرف له متظرف به . أنشدني أبو سعد بن تمام له قال أنشدنيه لنفسه : .
يا نفس عودي إلى باب التقى عودي ... فإن أيدي شيبي قد حنت عودي .
ما ينفع اسمي محمود إذا احتوشت ... بي الذنوب وفعلي غير محمود .
ابنه .
أبو الحسن بن عون .
ارتحل في عنفوان أمره إلى نيسابور وأنفق بها على التفقه ريعان عمره واختلف إلى أئمتها حتى مكنته العلوم من أزمتها ولا يخفى طول باعه في فنون العلم وأنواعه . وعاد إلى الناحية وهو في كل فن من فنون الفضل نجيب لا بل عجيب إلا أنه احتضر فاختصر . وقد علق بحفظي من قيله بيتان وهما : .
لي غزال وداده ... مع قلبي مغازل .
نزلت أهله اللوى ... لا دهتها النوازل .
عوان بن محمد بن عبد الملك