أخوه أبو سعد محمد بن تمام .
نسيج وحده في الترسل وكان في عنفوان شبابه يؤدب فلما اشتعل رأسه ترفع عن تلك الحرفة الموصوفة بالحرفة . وتقبله كل من سادات زمانه بكلتا اليدين ونزل منهم منزلة السواد من العين حتى كتب إليه الشيخ أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي : .
أبا سعد فديتك من صديق ... بكل محاسن الدنيا خليق .
أهم ببسط حجري لالتقاط ... إذا حاضرت بالدر النسيق .
وليس يحضرني من شعره إلا قصيدة رثى بها أبا الحسن أحمد بن محمود بن عون وعزى أباه عنه وهي : .
عزاك أيها الصدر الخطير ... فأنت بدهرنا طب بصير .
وأنت سماؤنا والركن فينا ... وأنت شهابنا النجم المنير .
وطلاع المراقب والثنايا ... بثاقب رأيه أبداً يشير .
لقد حلت بساحتنا الرزايا ... وحول ديارنا كانت تدور .
وكانت في الكمين لقبض روح ... يموت بموتها بشر كثير .
شمائل خلقه روض أريض ... عقائل لفظه أري مشور .
فقدنا فخرنا زين الليالي ... وعمر خيارنا أبداً قصير .
ليالي القوم ليس لها صباح ... صباح القوم ليس لديه نور .
فكيف عزاؤنا والأمر هذا ... وغاية شأونا قبر نزور .
فيا لله من خطب عظيم ... ويا لله ما تخفي الصدور .
على قدر القوائم جسم فيل ... على قدر المصاب لنا أجور .
وأنشدني والدي رحمة الله عليه له قال : علق بحفظي مطلع قصيدة له رثى بها عمي رحمهم الله جميعاً : .
كذاك الموت يقرع كل باب ... فلا تغررك خافية الغراب .
أبو الفضل محمد بن علي .
الكاتب الميزاني .
كاتب بارع وله طرف من النظم رائع . فمن فصوله المنثورة قوله في أيام الفتنة : " درست الملاحب وتناقضت المذاهب وتشعبت المسالك كأخاديد الرمل وطرائق النمل " وفي صدره رجع الحق إلى أهله وذاق الغوي وبال أمره وتجددت الدعوة الميمونة وتطرأت الأجسام المدفونة وأورقت المنابر بعد ذبولها وأشرقت المفاخر بعد أفولها وشاهد الأقاليم من الولاة من يقيم مختلها ويداوي معتلها . فولي أخياف الرعايا وساسها وبنى قواعد الدولة وأساسها ونادى الزمان فواتى مساعداً .
ولم أجد من نظمه غير هذه الأبيات : .
صفت خراسان عن شوب وعن رنق ... وعن كدورة عصيان وعن مذق .
بيمن تدبير قرم في وزارته ... مشاهد الصبر للأحوال معتنق .
مؤزر بجميل الصنع متئد ... إلى المكارم والخيرات مستبق .
فالملك في سعة عن جد مجتهد ... ما بين منتظم حالاً ومتسق .
والناس في راحة والروح في دعة ... بعون ممتدح في الخَلق والخلق .
يظل بين عباد الله كلهم ... لنومة الخلق مجبولاً على الأرق .
أبو علي الحسن بن أحمد المؤدب .
المعروف بالمكي .
مؤدب لغوي يطرح اللام عنيت أنه غوي في مسالك الكلام . لا تكاد تجد في شعره حلاوة ولا عليه طلاوة ولا له طراوة . غير أني لم أنس نصيبه من تجديد الذكر إذ كان من أهل ناحيتي وعقدت مصلحته مناسبة الأدب بناصيتي . فمما وجدت من شعره : .
كبا زمني فخر على اليدين ... وأفسد بينه حالاً وبيني .
وكيف تنعمي فيه وإني ... لحلال بين مخافتين .
فيوماً يعتريني خوف فقر ... وآخر يعتريني خوف حين .
كذا عيشي كذا شيبي وحالي ... ومن لي بالتنعم بين ذين .
سوى أن أستعد له فأشكو ... إلى الليث الهصور أبي الحسين .
يروم المجد من أقصى مداه ... ويقبضه ولو في الشعريين .
فما للهم عندي من قرار ... وقد وقعت على سيماه عيني .
كذاك وبعد ذلك لست أخشى ... مطالبة بغرم أو بدين .
وله من قصيدة مدح بها الشيخ أبا الطيب الخداشي : .
تضمن بحر العلم والجود والندى ... وطود الحجى والرأي منه غلائله .
مديد ذراعاه كثير نواله ... جميل محياه طوال أنامله